وجهة نظر دستورية في المسألة الحكومية من التكليف والتأليف إلى المرسوم

 المحامي كمال حديد تعيش البلاد ازمات مزلزلة للأمن والصحة والاقتصاد في ظل ازمة الحكم المزمنة الناتجة عن الممارسات الخارقة للدستور والتي اعتادت عليها التركيبة السياسية الحاكمة لتوليف مصالحها التي افسدت الحال في كل مجال.   وبلغت الازمة حد الكارثة بالعجز عن تأليف حكومة مسؤولة بديلة عن حكومة تصريف الاعمال لمواجهة التداعيات الخطيرة التي تعصف بالمجتمع اللبناني من كل حدب وصوب.  ويبقى المدخل الآمن لمعالجة كل الازمات هو الاقلاع عن الخوارق الدستورية في ممارسة السلطات والعودة لتطبيق الدستور في ضبط الصلاحيات والاسراع بتأليف الحكومة لتأخذ مجراها الدستوري واطلاق عمل السلطة الاجرائية التي طالما اوقعتنا تجاذبات اطرافها في جمود تصريف الاعمال والاهمال. أولاً - في التكليف: أناطت الفقرة /2/ من المادة /53/ في الدستور برئيس الجمهورية تسمية رئيس الحكومة المكلف بالاستناد إلى استشارات نيابية ملزمة. وحددت الفقرة /3/ من المادة /53/ آلية تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة بمرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية منفرداً.  يتبين من هذه النصوص أن رئيس الجمهورية لا يكلف رئيس الحكومة بالتشكيل إلاّ بناءً على استشارات نيابية ملزمة لا تجيز له أي تدخل بمسارها. ولو عن طريق تفويضه بذلك من أي جهة نيابية مشاركة في الاستشارات وبذلك فإن مرسوم التكليف لا يعبر عن إرادة رئيس الجمهورية ولكن عن إرادة الأكثرية النيابية المشاركة في الاستشارات الملزمة ويكون المرسوم مستوجب الإصدار فوراً ودون إبطاء. ثانياً - في التأليف: نصت الفقرة /2/ من المادة /64/ من الدستور على أن الرئيس المكلف:"يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها"وقد أناط هذا النص صلاحية تشكيلها برئيس الحكومة المكلف بعد الاستشارات النيابية – غير الملزمة -. ولم يرد في النص الدستوري إي مشاركة لرئيس الجمهورية في عملية التشكيل كما لم يلزم الرئيس المكلف بأي تشاور مع رئيس الجمهورية لإنجاز عملية التشكيل التي تستوجب الإعلان بموجب مرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية بتوقيع مشترك معه من رئيس الحكومة. ثالثاً - في المرسوم: أناط الدستور اللبناني برئيس الجمهورية في المادة /54/ منه إصدار المراسيم على أنواعها وتوقيعها ونشرها لإعلان...