الأرثوذكس، وهذا المَجمع المُقدَّس الآتي والانهيار اللبناني الجاري!

المحامي كارول سابا - باريس  "لقد سَقَطَت القِسطنطينية قبلَ ان تَسقُط، وهُناك مُجتمعات تموت قبل أن يُقضَى عليها". هذا الكلام التَنبِيهيّ كان بَيرَق مُداخلتي في المَجمَع المُقدَّس الأرثوذكسِيّ الأنطاكي الأخير الذي انعقد من دون ان يَدري ان الطوفان آتٍ، في بداية تشرين الأول 2019 أي عشِيَّة انتفاضة الشعب اللبناني في 17 تشرين الأول 2019 على منظومة الفساد السياسي والطائفي التي أفسدَت كل شيء.أما اليوم، فلبنان يَموت قبل ان يُقضى عليه، ولا زالت المُكوِّنات اللبنانيّة الوَطنيّة، ومِنها الأرثوذكس، مُتفرِّجة ومَلعوباً بها، وخارج سِياق فهم تَحوُّلات هذا المُعطى الخَطِير وتَدارُك تداعياته الآتية. فكان حدث تفجير العاصمة في 4 آب الذي هَزَّ ضمير العالم من شرقه الى غربه، ولا يزال، وكان ما كان قبله وما بعده من تدهور مُتنامٍ طاول كل الأوساط. فهَوَت الدولة، وهَوَت المؤسسات، وهَوَت المواطنة، وطَغت شريعة الغاب في طوابير الذل والبحث عن لقمة عيش ودواء واستجداء استشفاء. وها هي الطبقة السياسية تميّع التحقيق وتمنعه، وأعادت تركيب حكومة أقنعة جديدة لحِماية نفسها من الإثم الذي ارتكبتهُ، وذلك بمُباركة دولية وإقليمية، وتحت تسمية مناصب حكومية للطوائف التي تُستعمل من زعماء طوائفيين، كشهود زور لمُواكبة الإثم، فتُمسِي مُشارِكَةً فيه من حيث تدري أو لا تدري! في هذا الزمن المتأزِّم والمِفصلي، يَنعقد المَجمع الأرثوذكسي الأنطاكي المُقدَّس في دورة عاديّة في 5 تشرين الأول الجاري، وكم كُنّا تمنَّينا، أمام هول هذا الطوفان الجاري قُدُماً والانهيارات المُتتالية، أن يَنعقِد استثنائيا بصورة دائمة بجلسات مفتوحة على الأقل على مستوى البطريرك ومَطارنة لبنان، لمُواكبة الوضع الاستثنائي الذي يَمُرّ به بلد الأرز ومُواجهته.في مُداخلتي في مجمع 2019 تكلمت عن "المُجتمعات المُنكمِشَة" التي تموت قبل ان يُقضَى عليها، والتي تفقد تدرَّجاً، القدرة على قراءة عجلة التاريخ، واستنباط التحوُّلات المِفصلية الجَارِيَة، والقدرة على استثمار غِناها الفكري والتاريخيّ من أجل التموضع الذكِيّ والتجدُّد، فتُصبِح عندها "مُجتمعات...