السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

اللعبة البلاغيّة في "عندنا الآهة والأغنية" لشوقي أبي شقرا

المصدر: "النهار"
Bookmark
شوقي أبي شقرا.
شوقي أبي شقرا.
A+ A-
أمين ألبرت الرَّيحاني في حديث سابق مع شوقي أبي شقرا سألته كيف يفسّر لغته الشعريّة. أجاب: "هي لعبة بالنسبة لي. بل هي لعبتي الشخصية التي ابتكرتها، أو اخترعتها، تمامًا كما كان يصنع أولاد الضيعة، قديمًا، ألعابهم بأيديهم". ويبدو أن جواب شوقي قاطعٌ وحاسم في ذهنه، إذ انّه يرتاح لهذا الجواب الذي يفتح نافذة واسعة على كل نتاجه الشعري. كيف تتجلى هذه اللعبة في مجموعته الجديدة، "عندنا الآهة والأغنية وجارنا المطرب الصدى"، الصادرة لدى "دار نلسن"؟ اللعبةمن أين جاء شوقي بفكرة اللعبة؟ إنها، إضافة إلى ألعاب الطفولة وألعاب الضيعة، واستمرارٌ تعبيري لهما، وللألعاب المصنوعة بأيدي الأولاد، وبمواد يجمعونها مما يصادفون في الحقول والبراري والساحات. وهي تحمل طابعها الشخصي، الذاتي، المتفرّد. هي لعبة لا تشبه سائر الألعاب، ولا تشبه ألعاب الآخرين، كما لا تشبه أبدًا الألعاب الجاهزة، الخالصة، والمعلّبة التي يعرفها أولاد اليوم. لعبة شوقي بموادها، وبأشكالها وألوانها وتراكيبها وتحرّكاتها، بشروطها وأصولها وقواعدها ولغتها، بل لغاتها، من الألعاب التي لا تشبه إلا صاحبها. فصاحب هذه اللغة يستعملها، يلعب بها، يقذف بقطعها، يجمعها، يُفَرِّقها، يُرَكّبها، يُفكّكها، ويبني منها هندسات ومنحوتات كلامية لا نعرفها من قبل. يعجنها ويصقلها ثم يعيد بناءها أو تراكيبها بصيَغ مختلفة وكأن "الباتامودليه" بين يديه لا تعرف حدودًا في هدم وإعادة البناء، ليأتينا، في كلّ مرّة، بتراكيب جديدة، وعلاقات جديدة بين عناصرها، لم نكن لندرك خصائصها سابقًا. شوقي لا يستريح مع لغته وحسب بل تراه يكتشف من خلالها قدرات خيالية، وطاقة متخيّلة، لا سابق له بها، ولا أرض عذراء داسها من قبل، إلا من خلال لعبته اللغوية التي تمدّه بكل القدرة الخلّاقة وكلّ الفعل الإبداعي الذي، بين يديه، حيث تستحيل إزميلًا لا كسائر الأزاميل، وريشة لا كغيرها من الريشات، وقلمًا بمداد خاص، وبحبر بلون جلدته ولون مسامه، وطعم مفرداته. وللعبته شروط وأصول مطلوبة كي يتقن الشاعر لعبته ويتقن القارئ فهمه لهذا الشعر وتذوّقه لإبداعاته غير المسبوقة.  شروط اللعبةالشرط الأول: أن هذه اللعبة لا مثيل يشبهها، لا نسخة منها موجودة عند أحد، ولا يمكن لأحد أن يتقن اللَّعِب بها إتقان صاحب اللعبة. فمن يريد أن يأتي بمثلها فلا يمكنه، في أحسن الأحوال، إلا أن يأتي بما يشبهها ولا يمكنه أن يملك اللعبة ذاتها أو أن يتقن فن اللعب بها إتقان صاحبها أو تمكنه من التقيد بشروطها.الشرط الثاني: أن هذا اللعبة لا تتقيد بأي شرط تعبيري، قديم أو حديث، واقعي أو فوق واقعي، بل لا يمكنه تكرار ذاته وتكرار لعبته أكثر من مرة. فهذا الشرط يتطلّب من الشاعر أن ينهي ذاته بذاته في كل مرة يقدّم لنا لغة جديدة، طازجة، فريدة، نادرة، في هذه المجموعة الشعريّة أو تلك. فالشاعر ينتهي بانتهاء مجموعته الجديدة. إذ يعود لِيَلَدَ ذاته ويسترسل بها ضمن شروط لعبته اللغوية المستحدثة. الشرط الثالث: أن يراعي مادة لعبته طواعيةً وليونةً وتبدلًا في الشكل واللون والمضمون، لأن...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم