الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحياد وإشكالية الإجماع الوطنيّ

المصدر: النهار
Bookmark
البطريرك الراعي.
البطريرك الراعي.
A+ A-
 الأب البروفسور باسم الراعي - أستاذ فلسفة  أثارت مذكّرة البطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي بعنوان: "مذكّرة لبنان والحياد الناشط"، ردود فعل مختلفة، أهمّها مسألة أنّ الحياد يحتاج إلى إجماع وطنيّ ووفاق عليه. رغم أنّ البطريرك أكّد في المذكّرة أنّ طرحه مسألة الحياد كان من باب العودة إلى روح الميثاق الوطنيّ. مع ذلك، انصبّ على هذا الطرح جام غضب المعارضين، وكيل فيه ما كيل من مواقف وصلت إلى حدّ التخوين.  وكان البطريرك قد أشار في المذكّرة إلى قرائن الحياد التاريخيّة: "ربَّما حيادُ لبنان، كنظامٍ دستوريٍّ، لم يكن حاضرًا في ذِهنِ مؤسِّسي دولة لبنان الكبير، لكنَّه كان حاضرًا كسياسةٍ دفاعيّةٍ وخارجيَّةٍ يَتّبِعُها هذا الكيانُ الصَّغير والجديد ليُثبِّتَ وُجودَه ويُحافظ على استقلالِه واستقرارِه ووِحدِته وهويّتِه [...] [و] تأكَّدَتْ هذه النَّزعةُ سنةَ 1943".  اعتبر المنتقدون أنّ جملةً من هذا النوع لا تكفي حتى يُعطى الموقف البطريركيّ المشروعيّة المطلوبة، لأنّه يمثّل موقفًا وقراءة، يقابلهما موقفٌ وقراءةٌ مختلفان. فإلى من الاحتكام أمام هذه الازدواجيّة؟  في الحال التي انتهى إليها البلد، هناك طبعًا خيارٌ واحدٌ يتمثّل بالخطب والجيش الإلكترونيّ وما سواهما، مع تحريك العبة الطائفيّة واستثمارها، واستحضار شعارات التخوين والأدلجة، إلخ. من المؤكّد أنّ هذه الحال لا صلة لها بمنطق الدولة التي تجعلها هذه الحال القائمة مجرّد أداة في خدمة الخيارات الجزئية. في المقابل، يستند مطلب الحياد، كما ورد في النصّ المذكور في مذكّرة البطريرك، بالدرجة الأولى إلى أنّه خيار الدولة اللبنانيّة منذ البدء.  هل هناك ما يثبت هذا الخيار؟ وبالتالي يهدي إلى إجماع في شأنه؟ من المؤكّد أنّ بحثًا من هذا النوع لا يستقيم إلّا في المؤسّسة التي هي الدولة، لا في خطّ الجماعات التي تمثّل النسيج المجتمعيّ، أي مجتمع الدولة، ولا في خطّ الأحزاب التي هي مرحلة في تاريخ الدولة، وإن كان لها تمثيلٌ فيها بسبب الديمقراطية لا الشوكة الحزبيّة.  مع أنّ الكثيرين يمارسون نعي الدولة اليوميّ، إلا أنّها رغم مظاهر التفكّك الخارجيّ والتشرذم السياسيّ، تحافظ على وحدة تاريخٍ ترتسم في المؤسّسات...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم