المعطي قبال تغيرت بالكاد، لكن إلى أسوأ، ملامح ومعالم الفكر، والثقافة في فرنسا. انتهت الحقبة التي كان فيها المثقفون وفي مقدمهم سارتر، سيمون دو بوفوار، ألبر كامو، جان جينيه، ميشال فوكو، جيل دولوز، إتيان باليبار… ينزلون إلى الشوارع لمساندة المهاجرين والتنديد بسياسة السجون وعنف الشرطة وغيرها من الممارسات التعسفية واللاديموقراطية. كان المثقف ضمير عصره ورقيبا للتجاوزات باعتباره صاحب رسالة تنهل من فلسفة حقوق الإنسان ومن المواقف السياسية والأخلاقية لبعض أعلام الثقافة والفكر من أمثال فيكتور هوغو، إميل زولا، فرانسوا مورياك وغيرهم. كان انتماء بعض من هؤلاء إلى أحزاب سياسية يسارية مثل الحزب الشيوعي الفرنسي أو إلى تشكيلات يسارية راديكالية سياسية انتماء ظرفيا وموقتا. إذ ما لبث هؤلاء المثقفون أن ارتدوا على هذه الأحزاب بالنظر إلى طبيعتها التوتاليتارية. ومن بين المنشقين نذكر إدغار موران، لوي ألتوسير، جان إلنشتاين وغيرهم، بحيث أن ممارسة المثقف العضوي، على حد تعبير غرامشي للسياسة، لا تشبه في شيء ممارسة المناضل اليومي. فالمثقف هنا لا ينشد الإصلاح بل يطالب بالتغيير أو بالقطيعة مع الأشكال التقليدية في مجال الجنس، الفكر، والاجتماع، بغية إقامة مجتمع جديد. لكن مع انبثاق ما أطلق عليهم الفلاسفة الجدد تغيرت بالكامل خريطة الفكر والثقافة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول