الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

إلى السيد حسن نصرالله... أي فائدة من سلاح يحقق النصر ويزيد الفرقة بين اللبنانيين؟

المصدر: "النهار"
Bookmark
"لا شيء يُسعد إسرائيل الصهيونية ويطمئنها، أكثر من جيران ضعفاء منقسمين على نفسهم دويلات وممالك وطوائف".
"لا شيء يُسعد إسرائيل الصهيونية ويطمئنها، أكثر من جيران ضعفاء منقسمين على نفسهم دويلات وممالك وطوائف".
A+ A-
رؤوف قبيسي هذه رسالتي الثالثة إليك يا سيد حسن. الثانية كنت أرسلتها إليك قبل عامين عبر “النهار"، وتمنيناها أن تكون الأخيرة، ويومها أملت، شأني شأن كل اللبنانيين العقلاء، أن تسود الحكمة ويتغّلب العقل على الغرائز، وينهض لبنان من عثراته، لكن الآمال العذاب لشفاء هذا البلد من أوجاعه، تذهب دائماً أدراج الرياح ويا للأسف. وها لبناننا اليوم، يعاني ظروفاً من الضيم والضيق، لم يشهد مثيلا لها منذ تأسيسه. الظروف تجعلني أوجه إليك هذه الرسالة، وما أدراني إن ستكون آخر الرسائل، لأن حال التشرذم والتفتت لا تزال مستمرة في لبنان، وقد بدأت تهدد أساسه وكيانه، ولن ينجم عنها إلا الشقاء والمذلة والهوان لشعبه، ولن يستفيد منها إلا أعداء لبنان، وعلى رأسهم إسرائيل. لا شيء يُسعد إسرائيل الصهيونية ويطمئنها، أكثر من جيران ضعفاء منقسمين على نفسهم دويلات وممالك وطوائف، وفي حال كهذه، تصبح هي الدولة الأقوى والأغنى والأكثر تقدماً في المنطقة، قريش الشرق الأوسط، قبيلة عبرانية قوية تتحكم بما حولها من القبائل العربية الضعيفة. أؤكد لك يا سيد حسن، أن هذا ما سوف يحصل، إذا بقينا طوائف وقبائل وعشائر، ولم نبن دولتنا المدنية العلمانية الحرة، التي هي الحل الوحيد الذي لا حل غيره، لبناء الشعور الوطني الأصيل الذي يحفظ بلدنا ويدرئ عنه المخاطر. منذ عشرات السنين وحلم الصهاينة أن تكون إسرائيل قوية بين ضعفاء. هذا ما كان يردّده المستشرق اليهودي المشهور برنارد لويس، صاحب عبارة أن العرب ليسوا مؤهلين ليصنعوا دولاُ، لأنهم لم يعرفوا في تاريخهم إلا ولاءين، للدين أو للقبيلة! يريدنا الصهاينة وأعداء لبنان أن نبقى "شيعة وسنة ودروزاً وموارنة" وأقليات مختلفة خائفة، وهل نحن الآن غير ذلك يا سيد حسن؟! نظام لبنان الحالي يجعله ضعيفاً هزيلاً سائباً، وفريسة أمام أي دولة قوية، تريد التحكم به والسيطرة عليه. نظام يخرّج نواب طوائف، وزعماء طوائف، لا نواب وطن، وزعماء وطنيين، وأكثر ما يؤلم النفس اللبنانية الحرة، سماعها بعض مسؤولي الأحزاب في لبنان قولهم إن شعبية أحزابهم تتوسع، وانهم سوف يحصدون مزيداً من الأصوات في الانتخابات المقبلة! ما أسخفها هذه الغنائم، في دولة ضعيفة هزيلة. الم يحن الوقت بعد، ليدرك مسؤولو هذه الأحزاب الطائفية، والتابعون لهم من المغفّلين وأصحاب المصالح، أن سمعتهم، وسمعة بلدهم في العالم صارت في الحضيض، وان إسرائيل المتحدة القوية ستحكمهم، عاجلاً أم آجلا سوف تحكمهم وتتحكم بمصيرهم، ويكونون أمامها تابعين طائعين؟ ألم يحن الوقت بعد، ليدركوا أن قوانين العصر لن تهضم بعد الآن، نظاما طائفياُ قبلياً عنصرياً مثل النظام اللبناني، وانه إذا مضى الوقت ولم يبن لبنان نظامه المدني العلماني الحر، ويتحرر من حكم العصابات وسطوة الآلهة التي خلقها اللبنانيون على مثالهم، فسوف يزول. قد يبقى حياً، لكن حاله ستكون كحال مريض في غرفة العناية الفائقة. هذا الذي تمليه قوانين الطبيعة وأحكام التاريخ، لمن يعرف كيف يأخذ العظة من قوانين الطبيعة وأحكام التاريخ. ستقول يا سيد حسن إن سلاح "حزب الله" هو لحماية لبنان من إسرائيل. أعرف يقيناً أن هذه حقيقية تجلو أكثر ما تجلو في ساحات المعارك، التي قد يسجل فيها "حزب الله" بعض النصر، ويلقّن الدولة العبرية درساً جديداُ. لكن السؤال الذي يطرح نفسه كما يقال في لغة الصحافة، ما هي الأكلاف التي سوف...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم