الصحّة والمرض والله

الخوري شربل شلالا*المفهوم الشعبي للصحّة يعني الحيويّة الكاملة. أمّا المفهوم الطبّي فيعني غياب أي عطل عضوي في التكوين البشري. إنّها حالة من الخير الصحي والنّفسي والإجتماعي وليس فقط غياب المرض والعلل بحسب منظّمة الصحّة العالمية. لا يرتبط مفهوم الصحّة فقط بالوضع الجسدي، بل يتعدّاه ليطال المفهوم الاجتماعي، (التأقلم مع الواقع الذي أنا فيه). بمعنى أنّي أعيش لذّة الحياة وقوّتها بما أنا عليه. ممّا لا شك فيه أنّ الصحّة تبقى أيضاً مفهوماً شخصياً فردياً، يعني أنّني معنيٌ بصحّتي، ممّا يجعلني أتفاعل ككيان واحد مع تطوّرات صحّتي وأقرأ ذاتي بطريقة خاصّة. إنّي أعيش حياتي البشريّة من خلال جسدي. أنا مسؤول عن صحّتي. إنّها خيرٌ أساسيٌ وجذريٌ أوكلها الله إليّ ومن الضروري إحترامها والمحافظة عليها. ومع أنّ الحياة في المسيحيّة ليست قيمة مطلقة، إنّما مقدّسة والموت هو جزء منها، أنا مؤتمن على سير حياتي ومن الضروري المحافظة على صحتي دون عبادة جسدي.المرض ليس قصاصاً إلهيّاً بل ضعفاً واضطراباً بوظائف الجسم لأسباب متعدّدة (إراديّة أحياناً). عيش المرض ليس سهلاً لأنّه يؤلمنا ويوجعنا ويحعلنا نعيش في القلق والخوف. أحياناً كثيرة نواجه هذه الحالة لوحدنا، فنعيش تجربة الفشل والرّغبة بالإبتعاد عن العالم والعار، إلخ. لا شك أنّ الإرهاق واليأس ليسا الوسيلة الوحيدة لمقاربة المرض. البديل يكمن في تقبّل المرض كطريق لتحرير طاقة الحياة الموجودة فينا. منذ ولادته ينمو الإنسان ويكبر ويواجه المحن والصعوبات ومن بينهم المرض. يُحدث هذا الأخير تضعضعاً في حياته. أحياناً يكون هذا الإختبار المؤلم فرصة للمريض ولمحيطه للتفكير وللنضوج وللتغيير، وأحياناً أخرى يكون مدمّراً له ولمحيطه إذا لم يجدوا معنىً للذي يحدث معهم. يمكن أن يكون المرض فرصة لاكتشاف معنى وقيمة الحياة، خاصّة عندما لا يعود بمقدور المريض أن يتحسّن ويصبح مستقبله غير مؤكّد. فهناك من اكتشف، عندما أصيب بمرض السرطان، أن المخاطر والصعوبات هي من صلب حياته وأن لا حياة من دونها. هناك من واجه المرض بغضب وثورة ورفض وأسى، إذ أدرك أنّه لن...