لبنان سرابُ التّغييرِ وجريمةُ الانتخابات النّيابيّة

رغيد الشمّاع*نادراً ما يتمعّن الشعب اللبناني بمفاهيم العبارات والمُفردات المُستحدثة والمُستنبطة من جانب مُدمني الجدل السياسي العقيم في لبنان، إذ يسترسل غالبيّة العموم بتداول ما يُرمى لهم من مُفردات يُخال لهم أنّها مداخل لحلولٍ وأبواب للفرج في حين لا يريد مُروّجوها والمُناور المحترف الواقف وراءها إلاّ إقحام الجدل السياسي في مزيد من هدر الوقت وسلوك الطرق المسدودة لتَستهلك ما لم يبق للشعب من ترف الوقت لإضاعته.منذ العام 2005 تفشّى سرطان الهرطقة الشعبوية والدستورية والنفاقية في جسد المؤسسات ليبيّن عيوب وثغرات و"خوازيق" ما يسمّى بوثيقة الوفاق الوطني اللّبناني التي خرجت صياغتها في يوم من الأيّام عن الروحيّة النزيهة المُتطّلع إليها عربيّاً فتشبّعت شعوذات مخالفة للمنطق والعقل والقانون والمساواة والمبادئ الّتي تؤسس لدولة قانون ومؤسسات، إذ فُتح آنذاك باب المحاصصة والترويكا ولا يزال قائما على أساس "أعطني لأعطِك وناولني لأناولك".إذ منذ متى لا يحقّ لرئيس الدولة ممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنذ متى أصبح الوزير بصلاحياته القانونيّة الاستثنائية رئيساً لجمهورية وزارته ومنذ متى بات إعفاء وزير (هو ليس إلا "موظف دولة برتبة وزير")! من عاشر المستحيلات إلغاؤها أو تخطّيها، لما رُبط به الإعفاء من قيود وشروط تعجيزيّة وقنابل موقوتة تفجّر مؤسسة مجلس الوزراء إذا لم يتم التوافق الجماعي وتحقق التصويت الأكثري على قرار العزل. وما واقعة وزير الاعلام السابق إلاّ خير دليل إلى ذلك. فمنذ متى يتساوى القائد بمرؤوسه فيتم إحالة الأمور الحيويّة على التصويت و السخيفة على التصويت وحتّى التافهة منها على التصويت.، في حين لا تتعدّى كونها حيلة ديموقراطية، أُبتدعت لشراء الذمم في حال وجود عقبة أمام أيّ مشروع واجب تنفيذه، فتدخل التّسويات والحقائب المتّخمة بالمال على قرارات مجلس الوزراء تحت شعار شرايْتُه ولا تِرْبايتُه "شِرائه ولا تربيته".إتفاقيّة الوفاق الوطني في الأساس، بما لها وبما عليها، إطار لوقف إطلاق النّار وعودة السّلم الأهلي وإعادة بناء الدّولة وتنفيذ كافّة الرّؤى الّتي طرحتها هذه الاتفاقيّة لتسوية عيوب الجمهوريّة اللّبنانيّة الأولى، ما هي إلاّ ذرّ للرماد وتنفيذها بقيَ...