النزوح السوري إلى لبنان في ضوء أحكام القوانين المحليّة والدوليّة والإنسانيّة
06-05-2023 | 00:00
المصدر: "النهار"
سليم جريصاتي*ان القرارات التي اتخذت في جلسة المداولات التي حصلت خلال الاجتماعين اللذين حصلا في 26/4/2023 في السرايا لبحث ملف النازحين السوريين في لبنان، انما تتوافق والاحكام القانونية المرعية الاجراء في لبنان، سواء كانت نصوصا محلية او دولية او دولية انسانية.مع بداية الثورة السوريّة سنة 2011، بدأت موجات النزوح السوري تتوالى على لبنان من دون أيّ تنسيق مع أجهزة الدولة اللبنانيّة، حتى إن طالب أيّ مسؤول بضبط النزوح وتوثيقه اتُهم بأنّه عنصري، وعليه ان يخرج هو من لبنان ليبقى النازح السوري! قصر نظر كي لا نتهم احدا بالتواطوء وخيانة الوطن.انسحب النزوح على نحو 950 قرية وبلدة لبنانيّة من أصل 1050، وانتشرت التجمّعات العشوائيّة بقاعا وشمالا بصورة خاصة، وتوزع باقي النازحين على القرى والبلدات في مختلف انحاء الوطن حتى تجاوز مجموع النازحين مليوني نازح، ما يشكّل نحو 48% من عدد سكان لبنان. كلّ هذا في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصاديّة وماليّة ونقديّة واجتماعيّة ومعيشيّة خانقة ومتفاقمة، ومن انهيار سعر صرف الليرة اللبنانيّة ومنظومة الخدمات العامة والبنى التحتيّة كالكهرباء والماء والطرقات والنفايات والدواء والاستشفاء وسوق العمل، فضلاً عن ازدياد الجرائم بشكل ملحوظ وتنوّع توصيفها الجرمي على وجه غير مألوف واكتظاظ السجون.الخطير في الأمر أنّ منحى رفض النازحين لدى المجتمعات اللبنانيّة المضيفة أصبح حادّاً في الايام الاخيرة وقد يخرج عن السيطرة، سيما في ظل تبادل الكلام الخطير على شبكات التواصل الاجتماعي، كأن ثمة حربا على الابواب بين اللبنانيين والسوريين على الارض اللبنانية. ما يجب ان نتفق عليه جميعا ان دمج النازحين السوريين في لبنان أمر مرفوض بالمطلق، فيما المطلوب تعريف النازح وفق القانون الدولي وتطبيق القانون اللبناني بحرفيته عليه ومواكبة عودته الآمنة والسريعة إلى بلاده.وقد سبق لمجلس الوزراء ان أقر «الاستراتيجيّة الوطنيّة للحماية الاجتماعيّة» على أن تُعاد صياغتها خلال ستة أشهر بحيث تقتصر على اللبنانيين، من منطلق أنّها «حقّ من حقوق المواطن اللبناني يتوجّب على الدولة تأمينه وكفالته من خلال سياسات وبرامج وآليات ممنهجة تضمن له العيش بكرامة واستقلاليّة بعيداً عن المخاطر المعيشيّة والاجتماعيّة في مختلف مراحل الحياة» ... أما كلّ ما يتعلّق بشؤون اللاجئين والنازحين فهو يتبع لمؤسسات الأمم المتحدة وبرامجها بالتعاون مع الدولة اللبنانيّة، على أن تحترم هذه المؤسسات والبرامج الدستور اللبناني والقوانين والقرارات الرسميّة ذات الصلة.أما من الناحية القانونيّة، فلا بدّ من الإشارة إلى الأوضاع الآتية :أوّلاً : إنّ أيّ شكل من أشكال الدمج المحلي (أيّ في لبنان) هو غير دستوري لا بل غير ميثاقي وبالتالي ليس خياراً متوافراً، إذ نصّت الفقرة "ط" من مقدمة الدستور على ما يأتي : «أرض لبنان أرض واحدة لكلّ اللبنانيين. فلكلّ لبناني الحقّ في الإقامة على أيّ جزء منها والتمتع به في ظلّ سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أيّ انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين».ثانياً : عرّفت اتفاقيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي أقرّت في جنيف سنة 1951 اللاجئ كما يأتي : «تنطبق لفظة لاجئ على كلّ شخص يوجد، وبسبب خوف له ما يبرره من التعرّض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو جنسيّته أو انتمائه إلى فئة اجتماعيّة معيّنة أو آرائه السياسيّة، خارج بلد جنسيّته، ولا يستطيع، أو لا يريد بسبب ذلك الخوف، أن يستظلّ بحماية ذلك البلد» ...لم يوقع لبنان هذه الاتفاقيّة (والبروتوكول الذي أعقبها سنة 1967) ولكنّه احترم المبادئ الواردة فيهما انطلاقاً من تقيّده بالقانون الدولي الإنساني.هذا مع العلم أنّ النزوح واللجوء يعنيان لغويّاً الشيء ذاته...

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول