بأكلاته "المنغنغة"، وشغل "أب راتب" الأصيل، استطاع الشيف عمر خلال وقتٍ قياسي أن يحتلّ مكانة خاصّة في قلوب المشاهدين على مواقع التواصل الاجتماعي. طريقته الخاصّة في تقديم المحتوى، ولهجته الشّاميّة المميّزة، ساهمتا في سرعة انتشاره، خصوصاً أن لكلّ طبخة قصّة عايشها سابقاً، ويسردها لنا بطريقة مشوّقة. فشغفه بما يقوم به جعله اليوم ممثّلاً للجالية العربيّة السوريّة في مشروع اندماج الثقافات في تركيا.
والجدير بالذكر أن الشيف عمر ليس فقط حكواتياً وطبّاخاً ماهراً، بل يقوم شهرياً بحملات خيريّة لمصلحة أولاد بلده، بعدما اجتمع على محبّته الكثير من النّاس.
تواصل "النهار العربي" مع الشيف عمر، الذي كان كعادته خفيف الدم - كما عرفناه - "الله يباركلووو"، وبدأنا حديثنا عمّا إذا كان سيُغيّر مكان إقامته الحالية في تركيا، فقال إن فكرة الانتقال واردة، وهدفه تطوير المحتوى والعمل عليه أكثر، كما أن هناك بلداناً قد يواجه الإنسان فيها صعوبات وأخرى تساعد على تطوير ما يقدّمه من محتوى.
يتساءل البعض كيف كانت بداية الشيف عمر؟ أكّد الشيف أن بدايته كانت صعبة، خصوصاً الوقوف أمام عدسة الكاميرا. لكنّ الوضع أصبح اليوم أسهل، بالرغم من تعاظم المسؤولية، خصوصاً أن هناك 7 ملايين متابع لحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد نصح المبتدئين بأن يقوموا بالعمل على أفكار مميّزة وهويّة خاصّة بهم، وأن يقدّموا شيئاً لم يَرَه أحد في السّابق، وأن يبتعدوا كلياً عن التقليد، مشدّداً على "أنّ الشيء الحقيقي يصل إلى الناس سريعاً".

يا ترى، ما الذي يميّز الشيف عمر اليوم؟ قال: "الشخصية المتعارف عليها لدى الطّهاة - عامة - جدّية، لذلك قمنا بثورة جديدة في عالم الطّبخ والتّقديم، وأضفنا الفكاهة، وشدّدنا على البساطة، ووضعنا الناس في المقام الأوّل، وتعاملنا معهم كأنّهم معنا في الغرقة نفسها، لنُجيبهم عن الأسئلة التي نعلم أنّها ستأتي على بالهم لو كانوا حاضرين معنا، بالإضافة إلى الحماسة التي أقدّمها للنّاس لتطبيق الوصفة".
هل تأثّر الشيف عمر بالمطبخ التركي أو عدّل من وصفاته؟ أكّد عمر أن المطبخ التركيّ من أقرب المطابخ إلى المطبخ العربي؛ وبحكم أنه يعيش في تركيا فقد جرّب وتعلّم العديد من الوصفات، بل حاول إدخال الأقرب منها إلى المطبخ العربي، لكن مع بعض التغييرات البسيطة لتناسب ذوق المتابع العربي، مثل إضافة البهارات. فالأتراك معروفون باستخدام نوعين أو ثلاثة منها. وأضاف أنّه حاول تقريب النكهة لا أكثر. أمّا بالنسبة إلى المطبخ الشرقيّ فأكّد الشيف أنّه من أهمّ مطابخ العالم، ولذلك يعمل دائماً على تطوير الأكلات بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية تماماً مثل تحويل ستيك اللحمة إلى الدّجاج، والتي لاقت ترحيباً كبيراً من الناس.
السؤال الذي يُطرح بكثرة اليوم حول الأبرع في الطبخ، أهو الرجل أم المرأة؟ في الحقيقة جواب عمر مقنع للغاية، حين قال: "إذا سُئل أيّ شيف هذا السؤال فسينسب حبّه للطبخ وتشجيعه إلى والدته. فالمرأة أساس في المطبخ، والفضل يرجع إليها، مضيفاً أنّ الشّيف الرّجل أقدر من المرأة، ويتحمّل ضغطاً أكثر قد يصل إلى ساعات طويلة، بعكس المرأة المعروفة بمقولتها الشهيرة "بدّي هجّ" من المطبخ. لكن - طبعاً - ذلك يعود إلى الضغوط والتزامها بأعمال أخرى في المنزل، كما يكمن الاختلاف باستخدام المقادير؛ فالرجل يشدّد على اتّباع مقادير، أمّا المرأة أو أمهاتنا عامّة فيعتمدن نظرهنّ أي عالبركة".
هل يفكّر الشيف عمر في تأليف كتاب خاصٍّ به؟ أجاب بأن هناك تطبيقاً (application) يُمكن تحميله، يحتوي على جميع الوصفات مكتوبةً بطريقة الشيف عمر تماماً، وفق ما يتكلّم به في فيديواته الممتعة والبسيطة.
دائماً ما يكون هناك شخص نتأثر به على الصعيد المهنيّ... وبالنسبة إلى الشيف عمر أكثر من تأثر به هو الشيف جوردن رمزي البريطانيّ، والحاصل على 16 نجمة نيشان؛ فبالرغم من سنّه إلا أنه متحمّس دائماً، ويقدّم عمله باحتراف.

النجاح طريقه طويلة، والنتائج ليست مضمومة دائماً، فهل توقّع عمر الوصول إلى ما هو عليه اليوم؟ يؤكّد أنّه وضع هدفاً للوصول، لكنّه لم يتوقّع النتائج إلى هذه الدرجة، وخاصة محبّة الأطفال، في الوقت الذي يتوجّه بالمحتوى الخاص به إلى الكبار. وهو اليوم قد زاد أهدافه، وتخيّلاته تكبر وتزيد يوماً بعد يوم.
نشاهد دائماً وصفات الشيف عمر، لكن هل سنأكل شيئاً منها، يوماً ما؟ وهل هناك مشروع لافتتاح مطعم خاصّ به؟ فهذا الجواب سيُسعد الملايين! أكّد أنه سيكون هناك مطاعم كثيرة، لكن ستأخذ وقتها كي تكون على مستوى يليق بالناس، أي شغل أب راتب، والتي سيُقدّم من خلالها وصفاته التي يعمل عليها احترافياً.
أما عن افتتاحه أكاديمية مختصّة بالطبخ، فأشار إلى أنّ هذه الخطوة تحتاج إلى خبرة جداً عالية، لكن الفكرة واردة، ويجب أن تكون بمشاركة أكثر من شيف لنقدّم للنّاس دراسة وتقنيّات الطهو.

بين الأكل الشرقي والغربي، أيّهما يُفضّل الشيف عمر؟ على عكس الكثير من الشباب يحبّ الشيف عمر الأكلات العربيّة، التي كانت تطبخها أمّهاتنا. لهذا يميل أكثر إلى الأكل الشرقيّ.
نجاح الشيف عمر مثال حيّ لكلّ مَن يُحاول الوصول إلى أهدافه، وأن الذي يلتزم هويته الخاصّة لا بدّ له من أن يكون مميّزاً. وطبعاً، دعونا نشكر والدته التي حبّبته بالطّبخ، وزوجته التي دعمته، وقدّمتا لنا الشيف عمر المحبوب والمميّز والمبدع، وفعلاً الله يباركلووو.
نبض