الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

في الفلسفة التي تمعس روح لبنان وتقتل من دون قتل، وفي لزوم الفلسفة المضادّة لها

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
Bookmark
حياة الآخرين، للفنّان غيلان صفدي.
حياة الآخرين، للفنّان غيلان صفدي.
A+ A-
كيف نُقتَل هذه المرّة؟ كيف نُقتَل بدون قتل، بدون رصاص، بدون تفخيخ، وبدون موت؟ ببطءٍ ثقيلٍ ومنظّم، نُقتَل هذه المرّة. وفي هذه المرّة، التي قد تكون المرّة الأخيرة، نُهرَس هرسًا، ليس بالجسد، ولكن بالروح. وفي هذه المرّة، تحقّق العبقريّة الجهنّميّة مبتغاها، فيذهب الشرّ إلى آخره، حيث تُمعَس الحياة معسًا مأسويًّا بلا صوت. بلا حشرجات. وبلا شهود.   كمثلِ قتلِ الهواء في الهواء، نُقتَل هذه المرّة. هل مَن يستطيعُ أنْ يشهدَ على قتلِ الهواء؟ وإذا انوجد مَن يشهدُ، أو إذا انوجدَ مَن يجرؤ فيشهد، فهل ثمّة، يا ترى، في المحاكم كلّها، وفي محكمة الضمير العالميّ (هل من ضميرٍ عالميّ؟!)، مَن يأخذُ بشهادةِ شاهدٍ يشهدُ على قتل الهواء؟! لا أحد. لا أحد. القتلُ، هذه المرّة، هو تمرينٌ يوميٌّ - في لحظة اشتعال الوعي، كما في لحظة استتباب اللّاوعي - على التدجين، على التطويع، على طقوس امتصاص الروح، على احتفالات سحب العصب من الكينونة، على طريقة سحب الدمّ من الجسم، من الخلايا، من الشرايين، من المسامّ، من النسغ، من العمود الفقريّ، من النخاع الشوكيّ، لكنْ – أكرّر: من دون عنفٍ مرئيٍّ وعلنيّ.إنّه القتل الأذكى والأسمى، بكيمياء تتمرّد على مختبراتها، وتخرج على آلهتها، فتصير هي المختبرات وهي الآلهة. إنّه القتل بدون قتل؛ كمثلِ الإجهازِ الخَفِر، الغفِل، البلا انتباه، الحنون، الخجول، الرؤوف، وكمثل الانتظاراتِ الكسيحة، العمياء، الصمّاء، الخرساء، المبحلقة في العدم من دون بصيرة، وكمثل الوقوفِ السافلِ تحت شمسٍ ملعونة، تحت ليلٍ أرعن، في...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم