الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لبنان حاضر في "مهرجان أفينيون" بـ4 عروض: نشوة مفقودة ومهمشون وقضايا مُلحّة

المصدر: "النهار"
رنا حيدر
رنا حيدر
عرض "كما روتها أمّي" للراقص علي شحرور.
عرض "كما روتها أمّي" للراقص علي شحرور.
A+ A-
في شهر تموز من كلّ عام، تتحوّل أفينيون الفرنسية مدينةً مسرحيّةً، ويتراءى تراثها المعماريّ منصّةً لمشاهدة أداء فنّانين يحمل كلٌّ منهم قصّة يرويها على مسامع عشرات الآلاف من محبّي المسرح من مختلف الأجيال. وتشهد المدينة طوال الشهر عروضاً فنيّة يحملها مبدعوها على أكتافهم، ويجعلون من أفينيون أرض إبداع الفنّ المعاصر.

ليست المرّة الأولى التي يُرفع فيها اسم لبنان عالياً في العالم في مجال الفنون الجميلة؛ فمن المسرح إلى الرقص، برز اللبنانيّون وبلغوا أقصى حدود الإبداع ليصلوا اليوم إلى واحد من أهمّ مسارح العالم: مسرح أفينيون الفرنسيّ، والدورة الـ76 من مهرجانه، الذي تأسّس على يد الممثل والمخرج المسرحيّ جان فيلار في العام 1947، وبات من أهمّ الأحداث الدوليّة للأداء الحيّ المُعاصر.
 
 
في دورة 2022 من "مهرجان أفينيون المسرحي"، برز لبنان في 4 عروض، سنتعرّف على المبدعين اللبنانيين الذين يقفون خلفها.
 
 
حنان الحاج علي ومسرحية "جوغينغ"
تُدغدغ الممثلة والكاتبة والمخرجة حنان الحاج علي أحاسيس جمهور "أفينيون". تُفتح الستارة على قصص نساء تختصر واقع المواطنة اللبنانيّة ومعاناتها في بلد تنهشه الأزمات. "جوغينغ" مسرحية من إبداعها، لاقت شهرة على مستوى عالمي. عملٌ مونودراميّ مستوحى من حياتها اليوميّة وهي تمشي بين أزقة بيروت المكتئبة والحزينة.

ترى الحاج علي في حديث لـ"النهار" أنّ "أثر الأزمات على المستوى التعليميّ والاقتصاديّ والثقافيّ مدمرّ أكثر من الحروب"، مشيرة إلى أنّ "المسرحية هي صوت من لا صوت له، صوت المحروم والمهمّش".
 

تعطي المسرحية أملاً للشباب والمشاركين، "بعيداً عن الكليشيهات"، على حدّ تعبيرها، و"تمنع اليأس في ظلّ الأزمات المتفاقمة التي أصبح ثقلها كثقل الرصاص، فقد اتّجهنا كفنّانين نحو المسرح والثقافة لأنّ الأخيرة لا تقلّ أهمّيّة عن الخبز".
 
"من هو البريء من دم هذا الصدّيق؟!"، تسأل في إشارة إلى تواطؤ محكم لهدم لبنان.
 
تؤدي الحاج علي في هذا العمل دور المرأة، الزوجة، الابنة، المواطنة والبطلة، ويُعرض في مهرجان أفينيون لغاية 26 تموز.
 
 
باتريسيا نمّور ومسرحية "OSE"
تعني كلمة "OSE" بالفرنسية "تجرّأ". تعالج المسرحيّة مواضيع تُعتبر عادةً من محرّمات المجتمع أو الـ"تابو"، إذ تتحدّث عن النشوة ونقص المعرفة لدى النساء بالأمور الجنسيّة، وتتعدّى المعاني الواضحة نحو فكرة اكتشاف الذات وجسد المرأة. فقد سعت كاتبة المسرحيّة باتريسيا نمور بمساعدة زميلتها الفرنسيّة كلير دوغيرنيل إلى إماطة اللثام عمّا "طُنِّشت" عنه المرأة العربيّة، لفترة طويلة، منذ صغرها حتى منتصف عمرها، ولم يُسمح لها بأن تكتشف حتّى جسدها.
 
 
انبثقت المسرحيّة الفرديّة في بيروت من تجربة دوغيرنيل الحميميّة التي روتها لباتريسيا، الخارجة من مجتمع مختلف عن البيئة الغربيّة. شعرت الصديقتان بالإحساس نفسه الذي وصفته نمّور لـ"النهار" بأنّه "عدم المعرفة الكاملة بجسديهما "، واعتبرتا أنّ مشاركة هذه الحلقة الحميمة ستفتح المجال للوعي الجنسيّ ليس فقط عند النساء، بل لدى الرجال أيضاً.
 
 
تُشير نمور إلى أنّ المسرحيّة تركّز على "معرفة الذات والجسد"، بغية "تحضير أنفسنا نفسيّاً وعلميّاً" لما تنتظره النساء في حياتهنّ الجسديّة. وروت في سياق الحديث أنّ "بطلة العمل تكتشف عدم جهوزيّة المجتمع لتقبّل الحديث عن فكرة النشوة لدى النساء، وسط خوف سائد بين الأمّهات والفتيات من طرح مواضيع ذات صلة جنسيّة، خوفاً من أن تُفتح أعين الفتيات على هذه الأمور اللاأخلاقيّة".
 
 
عرض "كما روتها أمّي" للراقص علي شحرور
هذه اللوحة الراقصة، التي نشأت في بيروت في العام 2021، تُعبّر عن معاناة الأمهات البيروتيّات، تُعرض في "أفينيون" بناءً على طلب المسرح، من منطلق مفهوم الـ"in festival"، أي إنّ المهرجان يتكفّل بالتكاليف جميعها.

ليست المرّة الأولى التي يُشارك فيها شحرور وفرقته بالمهرجان، إذ قدمّوا عروضاً في عامي 2016 و2018.
 
 
يقول شحرور لـ"النهار" إنّ "العرض يروي قصص مقاومَةِ ومناضَلةِ أمّهات بيروت، وقصصهنّ المخبّأة في البيوت، والانتصارات والخيبات التي يعشنها في بيئة سياسيّة عنيفة".


كاترين عتيّق ومسرحية "Pendant que les autres dansaient"
تتتبّع المسرحية رحلة فتاة بعد جريمة اغتصابها، والمعركة النفسيّة التي تخوضها وحيدةً مع أفكارها، فتتعرّف العناصر الخمسة التي كوّنت شخصيّتها: الثقة، المنطق، الإرادة، الحلم والذكرى.
 
 
تؤدّي عتيّق دور "المنطق". تحدّثت مع "النهار" عن التجربة التي تخوضها مع فريقها على مسرح "أفينيون"، قائلةً: "الموضوع الذي نطرحه في المسرحيّة حسّاس، ونريد أن نعطي أملاً للمرأة بالخصوص؛ وما أتمناه هو إمكانيّة عرض هذه المسرحية في لبنان، لأنّ الموضوع يحكي واقع الكثير من اللبنانيات ومعاناتهنّ، إذ يُلقى دائماً باللوم عليهنّ، ولا أحد يتكلّم عنه كفايةً".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم