"أطبّاء بلا حدود" وفنّانون في تحدّي Speak-Ink: قضايا 2021 والصحّة النفسيّة

منذ بداية الشهر، تتوالى على المنصّات الالكترونية لـ"أطباء بلا حدود في لبنان"، رسمات ذات نمط عنصري، محمّلة بوضعيات إنسانية تستدرجنا للتأمل. كلّ صورة، مرفقة برابط يقتادنا إلى مقال في موقع المنظّمة الإلكتروني، فنستقي معلومات مرتبطة بمجال من تدخلات المنظمة في الصحّة وحقوق الإنسان.

تحت عنوان "تحدّي Speak-Ink"  (بمعنى الحبر يتكلّم)، تقيم "أطباء بلا حدود" معرض الرسم التصويري للسنة الثالثة على التوالي. ما تفاصيله؟

إنّ المعرض الذي يستمرّ حتّى نهاية تشرين الأول، توسّع نطاقه أثناء استكشاف المواهب الداخلية للمنظمة، فضمّ لهذه السنة 14 رساماً من 7 بلدان مشاركة هي: لبنان، مصر، الأردن، الإمارات، إسبانيا، المكسيك والبرازيل.

تهدف الرسومات التصويرية إلى إبراز الموضوعات الطبية والإنسانية الرئيسة التي تعالجها المنظمة في سياقات مختلفة، إلى جانب قيم وهوية منظمة "أطباء بلا حدود".

وتنوّعت المواضيع المختارة لتشمل الآتي:

تحيّة إلى جميع الذين كانوا بمواجهة فيروس كورونا، الوصول إلى الرعاية الصحيّة، 10 سنوات على النزاع في سوريا، العنف الجنسي، الصحّة النفسية، البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، التحدّث علانية، تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، العمل في الميدان، مقاومة المضادات الحيوية، الذكرى الخمسين لتأسيس منظمة أطباء بلا حدود، الوصول إلى لقاحات كوفيد-19، التوعية الصحية، والسل.

ويتحدّث لـ"النهار" مدير المشاريع والحملات الإعلامية في "أطباء بلا حدود - المكتب الإقليميّ في لبنان"، روني الأسعد، عن مزايا نسخة هذه السنة.

وإذ استخدم الفنانون الحبر واللون لتجسيد مفاهيمهم حول المواضيع المقترحة، نبدأ من سمة "التحدي" البارزة في عنوان المعرض، فـ"نقطة البداية لكلّ فنان هي تحدّي الذات. لأنّ التعبير عن تصوّرات كلّ فرد سيجعله يستبطن معاناته الشخصية أو معاناة مجتمعه وبلاده، وهذا التمرين ليس سهلاً".

أضف أنّ "التفاصيل التقنيّة المرتبطة بموضوع محدّد، قد تصبّ خارج اختصاص الفنان، لكنّه يمتلك الحشرية والدوافع الخاصّة لرسمه. مثال على ذلك، أصرّت فنّانة على تقديم لوحة حول المقاومة بالمضادات الحيوية، لكنّ معلوماتها كانت بدائية. بعد مرحلة البحث، دخلت الفنانة في محادثة مع المنظمة، فاطّلعنا معها على المعلومات وتأكّدنا من دقّتها، قبل الانتقال الى الترجمة الفنية".

ويمكن أن "يشكّل التحدّي بحدّ ذاته أحد مغازي اللوحة، على نحو تطرّق فنانة برازيلية لأزمة كوفيد-19 في البرازيل، والمشاكل التي واجهتها المنظومة الصحيّة المحليّة في احتوائها".

الصحّة النفسيّة أولويّة

أمّا الفنان الشاب رفيق الحريري، الذي كرّس مجمل رسوماته لمحور "الصحّة النفسية"، سواء في مشاركات متفرّقة أو ضمن كتابه الأخير "وجدتُ قلباً" (I Found a Heart)، يستمرّ ضمن تحدّي Speak InK في تصوير القضية نفسها. للوحته رموز عدّة، يسوّقها بأسلوب مباشر ورهيف:

شخص يدير ظهره، وقد حمل عليه حقيبة تحتوي جرّات صغيرة عادة ما تملأ بالطعام، لكنّها ملئت بوجوه تنقل مشاعر متناقضة، كثيراً ما نستخدمها في رموز مواقع التواصل الاجتماعي.

"كثيرٌ منّا يحمل مجموعة مشاعر واختار أن يغلق عليها. لا نزور هذه المشاعر، ولا نعترف بها ولا نحاول إخراجها من دواخلنا. لكنّ هذه المشاعر ثقيلة، على النحو الذي تثقل فيه الجرات كاهل هذا الشخص" يشرح الرسام.

 لكنّ "الكبت سيؤثر سلباً على صحتنا النفسية. رسمتي دعوة للاعتراف بأنّ الشنطة موجودة وأنها غير خفية. دعوة أيضاً لتفكيكها بتسامح، لأنّ تصالحنا مع هذه المشاعر السلبية سيهيّئ لنا تحويلها إلى نقيض إيجابي".

رسالة توعية

في السياق، تفيد منظّمة الصحّة العالميّة أنّ "واحداً من أصل كلّ أربعة أشخاص حول العالم يعاني شكلاً من أشكال الاضطرابات الصحية النفسية، لكن ورغم هذا لا يسعى سوى 60 في المئة ممن يعانون إلى طلب المساعدة".

وتعترف منظمة أطباء بلا حدود في لبنان بـ"ظروف صعبة مرّت علينا جميعاً خلال هذين العامين، فبين وباء عالمي منعنا من التجول وبين أزمات اجتماعية واقتصادية متنوعة، كلّها ألقت ضغوطاً نفسية علينا"، لذلك "اهتموا بصحّتكم النفسية، فكلنا نحتاج إلى دعم نفسي اجتماعي وصحّي!"

أفق المعرض

نلمس في تحدّي Speak-Ink محاولة خلّاقة لتطوير معزّزات بصريّة لمحتوى منظمة "أطباء بلا حدود" ورسائلها ونشاطها. معلومات مفيدة، يدخلها المتصفّح من خلال وسائط جذابة خلقها فنانون.

ما الخطوة اللاحقة؟ التجربة آخذة في التوسع. فبعد اقتصاره على لبنان ومصر في النسخة الأولى، وانضمام الإمارات والأردن في النسخة الثانية، وتوسّع المعرض نحو بلدان ثلاثة غير عربية في 2021، يخطّط المنظمون لإطلاق معرض بحلّة مباشرة بعد سنة. وسيضمّ لوحات كلّ النسخات السابقة، إلى جانب مشاركات جديدة تستوفي مواضيع العام المقبل.