الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

كوميكس وحبر صيني وكاس عرق وشوية قنبز

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
صفحات الجزء الثاني من كتاب "مدينة مُجاورة للأرض".
صفحات الجزء الثاني من كتاب "مدينة مُجاورة للأرض".
A+ A-
... واجتمعنا. "نقوشنا" القليل من "القنبز" واحتسينا العرق. و"جزيرة السفّاح" التي هي الخارج؟ لم نعرها الكثير من الاهتمام.
 
ها هي ندين توما تطير كالفراشة في غاليري "تانيت" وكأنّ "الدني مش سايعتها".
 
وسيفين عريس، شريكتها في "دار قنبز"، تحدّت الآلام المُبرحة التي تعيشها بفعل حادث مروّع تعرضت له قبل أيام، وحضرت إلى الغاليري لتُعلن إصرارها على المُشاركة في نسج "ثوب العودة" التي ترتديه عاصمتنا منذ فترة.
 
 
هذه الـ"بيروت" رائعة الحُسن تستحقّ كل هذه الجهود التي يبذلها كُثر ليضعوها مجدداً على خريطة الحياة.
 
والفنان جورج أبو مهيّا يوقّع الكتاب – الحدث في الزاوية هُناك. قبعة صغيرة وشعر "مربوط بكم خصلة".
 
يأخذ كل وقته ليدمغ التوقيع برسمة تُفرح قلوب الذين ينتظرون دورهم في الصفّ الطويل منذ دقائق طويلة.
 
يتبادلون الابتسامات وبعض كلمات تُقرّب المسافات.
 
وندين توما تطير كالفراشة، وسيفين عريس تستقبل الأصدقاء بسعادة تتغلّب من خلالها على آلامها المُبرحة.
 
إنه توقيع الجزء الثاني من كتاب "مدينة مُجاورة للأرض": إخراج فني لـ"دار قنبز"، خط جورج أبو مهيّا مع إشراف المعلّم سمير الصايغ. بالإضافة إلى فيلم مصحوب بموسيقى تصويريّة من توقيع سيفين عريس يُسلّط الضوء على كواليس هذا الكتاب الذي تم إطلاقه ضمن "مهرجان بيروت للشرائط المصوّرة" (6-10 تشرين الأول)، ولكنه يستمر في غاليري "تانيت" حتى الخامس من تشرين الثاني كمعرض للمُلصقات "الأصليّة" – أي غير المطبوعة، وكفيلم، مع فرصة شراء المُلصقات والكتاب بجزئيه.
 
ندين توما ترى أنّ هذا العمل "من أجمل ما انعمل ككوميكس في اللغة العربيّة". وقد أنجز بالحبر الصيني الأسود وهو مُخصّص للراشدين. والقصة تتمحور حول رجل يعيش في مدينة تُدعى بيروت، يعود ذات يوم من عمله و"ما بيلاقي بيتو"... و"أدّيش صرلي ما جيت عبيت أهلي".
 
مدينة بيروت التي تُبرعم بين دفّتي الكتاب – الحدث تُشبه بيروت العاصمة الخليلة التي ينبعث منها بخار حارق - شديد الحرارة - مصنوع من الخلق. وكم من رقصة إبداعيّة مُتعددة الوسيط وُلدت من الألم والانكسارات "يالّلي مساءبة عم تتساقط علينا بالجملة"!
 
وفيلم سيفين عريس "مدينة من حبر" هو التوثيق الأنيق لهذا العمل، وقد رافقته طوال 6 أشهر لتُربّت في رفق شديد من خلال الصورة والأنغام التي وضعتها، على هذه المواجهة الضارية والدامية بين الخيال والواقع. وأسلوب جورج في العمل يتطلّب الكثير من الوقت والعمل مع الحبر الصيني الأسود يتطلّب دقّة شديدة.
 
 
وسيفين صبرت ليكون الفيلم بصورته وأنغامه، المشهد المُعاكس لجزيرة السفّاح التي هي الخارج.
 
قلائل الذين يتوسلون في يومنا هذا الحبر الصيني الأسود بركيزته المائية.
 
وكل صفحة في الكتاب قد تأخذ جورج أكثر من شهر ليُنجزها "ع ذوقو".
 
والجزء الثاني وُلد بعد 10 سنوات من الجزء الأول، و"دار قنبز" التي ترسم خيوطها ندين وسيفين أصرّت على تقديم هذا الحدث "بهالوقت بالذات"، على اعتبار أنّ على كل واحد منّا أن يُركّز على ما يبرع به ليقدّم "يالّلي عليه" لهذا البلد الشاهد على تغيرات غالباً ما تحدث بين طرفة عين وأخرى...
 
وها نحن نشهق من الذعر والمفاجأة، "كل لحظة والتانية".
 
و"يا ما" جلست ندين وسيفين "عالأرض ليبوردوا، وما في كهربا"، وعملتا لساعات طويلة على هذه المدينة المجاورة للأرض.
 
وكانت سيفين تنتظر أحياناً "حضرة الكهربا" حتى الرابعة صباحاً لتعمل على المونتاج.
 
وجلبت ندين وسيفين ورق الطباعة من إيطاليا.
 
ولن نعرف هوية المُساهم المالي لهذا العمل الأنيق، رغبة منه في العمل على إعادة إحياء بيروت "بلا ضجّة".
 
شهران من العمل بلا توقف... والظروف صعبة، وجزيرة السفّاح التي هي الخارج "عم تغلي غلي".
 
وكان لا بدّ من اختيار غاليري "تانيت" القائمة إلى جانب شركة كهرباء لبنان في مار مخايل، لرمزية المكان، وانطلاقاً من كونها دُمرت كلياً "ذات يوم من صيف تلك السنة".
 
 
وإذا كنّا نرى شركة الكهرباء على غلاف الكتاب بجزئه الثاني، فإن المُصادفة (ربما القدر؟)، اضطلعت بدورها هنا، واختارتها ندين وسيفين قبل أن تعرفا أنّ المعرض سيقام في غاليري "تانيت".
 
وكاس عرق وشويّة قنبز ع الماشي.
 
ونحن ننتظر دورنا ليوقّع لنا جورج الكتاب على طريقته.
 
والحبر الأسود يُرافقه.
 
وهو يأخذ كل وقته لتكون الرسمة "ع قد الانتظار".
 
وفريد طويل، بطل الكتاب، يعود ذات يوم إلى منزله، و"ما بيلاقي بيتو".
 
ولأن الكوميكس يُعتبر "الفن التاسع"، أصرّت ندين على عرض بعض الأعمال الفنية الأصلية المنبثقة من الكتاب – بجزئيه - كملصقات في الغاليري.
 
وهي معروضة للبيع.
 
مع الإشارة إلى أنّ بعض هذه الأعمال انتقلت إلى متاحف عالميّة تُعنى بالكوميكس في الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا.
 
وجورج أبو مهيّا أمضى صباه في الملاجئ، والحرب مرّت من هنا. وغرزت أصابعها في مخيلته وبدّلت مسارها إلى الأبد.
 
وبطل الكتاب، فريد طويل، رجل عادي يعيش مغامرة "قاتوليّة" في شوارع مدينة إستثنائيّة.
 
والنص مكتوب في اللغة اللبنانية المحكيّة.
 
وإلى جانب القصّة القاتمة والمشوّقة، نتعرف أيضاً في المعرض إلى رسوم متسلسلة من نص: ندين توما ورسوم جورج أبو مهيّا وصوفي كيريف، عن فريدة، الفتاة العيّوقة. عنوان السلسلة "فريدة والهوى". وها نحن أمام الحلم و"ماما إذا الهوى طعمتو أو ريحتو كبّة مقليّة وعبيّتو بالمرطبان، لما بفتح المرطبان بشم ريحة الكبّة؟".
 
أحلام وكوابيس وكاس عرق وشويّة قنبز.
 
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة.
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم