الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

معرض الشارقة الدولي للكتاب: أدب الجريمة والمرأة، نصيحة أحمد الرفاعي ولحظة الإلهام

المصدر: الشارقة- "النهار"
من الندوات الافتراضية خلال المعرض.
من الندوات الافتراضية خلال المعرض.
A+ A-
 
إنّه زمن اللقاءات من بعد. لا تقارب، لا حوارات مباشرة. يتشدّد منظّمو معرض الشارقة الدولي للكتاب في إجراءات السلامة لضمان صحّة الجميع. لذلك، يُقيم نداواته عبر "زوم". من هنا، عُقدت ندوات وفاعليات عدّة ناقشت موضوعات مهمّة في عالم الثقافة والمجتمع والأدب، ضمن باقة الجلسات الحوارية الافتراضية، التي ينظمها للمرة الأولى في تاريخه بلغات عدّة، وتجمع نخبة من كتاب وأدباء حول العالم، منها ندوة بعنوان "الكتابة كمهنة جديدة"، استضافت مؤلفة الروايات البوليسية البريطانية كارين ميلي جيمس، والمخرجة والكاتبة المسرحية اللبنانية لينا خوري، فتطرقتا خلالها إلى أثر الرواية البوليسية، والأعمال المسرحية في المجتمعات، لا سيما في ظل الأزمات التي تشهدها العديد من الدول، بخاصة في ظل جائحة كورونا وتداعياتها على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والثقافية، وذلك بإدارة ليلي محمد. 
 
 
لا بدّ من التأقلم في نهاية الأمر. لم يكفّ المعرض، الذي انطلق أمس الأربعاء تحت شعار "العالم يقرأ من الشارقة"، ويستمر حتى 14 تشرين الثاني الجاري، عن إقامة الندوات والنقاشات، ولو أرغمته الجائحة على استضافة ضيوفها "أونلاين". في هذه الجلسة، تطرقت ضيفتاها إلى أهمية كتابة الروايات البوليسية وأدب الإثارة، والكتابة المسرحيّة، في ملامسة هموم أفراد المجتمعات، وزيادة معارفهم حول خبايا الأزمات وأسرارها، وكشف الأحداث التي تدور في مجتمعاتهم من خلال قالب روائي أو عمل مسرحي، يقود الجمهور إلى التفكير في الأحداث التي تحيط به.
 
وأوضحت كارين جيمس أنّ الجائحة، منحتها متسعاً من الوقت لمواصلة تأليف روايتها البوليسية الثالثة، وأكدت أن انتشار كوفيد 19 وتداعياتها دفع الكثير من الكتّاب إلى استئناف مشاريع الكتابة والتأليف، كما أخضع الجميع إلى إعادة تقييم الأوضاع الراهنة، وما يحدث يومياً من فقدان أشخاص لحياتهم جراء الفيروس، وإصابة آخرين به، يقود إلى إعادة التفكير بالسلوكيات والأولويات في الحياة، ويفرض على الجميع تقدير الفرص والنعم، مشدّدة على دور الأفراد في المجتمع، وأهمية ما يقدمونه عبر أعمالهم المختلفة، كالكاتبة التي تتناول قضايا ذات تأثير على واقع الناس، وتسهم في زيادة وعيهم، وتثري معارفهم حول قضايا تمس أسرهم وواقعهم، كجرائم أصحاب المهن الراقية، والجرائم المالية، والمعاملات العابرة للحدود، التي تناولتها في رواياتها الثلاث.
وأكدت أنّ "التخصص في مجال أدب الجريمة، يتطلب بحوثاً متعمقة لا ترتبط بالجانب المالي فحسب، بل بمختلف التأثيرات، والتداعيات، كما يتطلّب بُعداً إنسانياً يدفع إلى إظهار الجانب الأخلاقي، للمساهمة في تعزيز وعي المجتمع، وإظهار الآثار السلبية الكبيرة الناتجة عن أفعال مرتكبي الجرائم"، مشدّدة على ضرورة معرفة المؤلف ما يكتب، وأن يكتب ما يعرف، مستشهدة بإفادتها من واقع تجربتها في عالم الأعمال المختصة بالشركات القانونية.
 
 
بدورها عزت لينا خوري تراجع العمل المسرحي والسينمائي في لبنان على وجه التحديد، إلى الظروف التي فرضتها الجائحة، بالإضافة إلى الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، مشيرة إلى أنّ المسرح والسينما من الأدوات المهمة في طرح القضايا المجتمعية، ووضع التصورات والحلول المتوقعة لها، واصفة الكتابة المسرحية بـ"المهنة الأصعب، التي تحتاج إلى ظروف مواتية، يصاحبها أدوات مهمة كالبعد الزمني، خصوصاً عند تسليط الضوء على أزمة معينة، أو جائحة، كونها تحتاج إلى معالجة كاملة ونظرة شاملة، لتجنب الوقوع في الخطأ الذي يعتبر كارثياً في الأعمال المسرحية ذات التوجه المجتمعي"، مشيرة إلى أنّ "الأوضاع الراهنة التي يعيشها العالم، يضاف إليها الأزمات التي يمر بها لبنان، تفرض على المعنيين بأدب المسرح اللبناني تحديات كبيرة، تحول دون توفير العناصر والأدوات المطلوبة للإبداع والتأليف والعرض المسرحي".
 
وفي ردها على أهمية الكتابة المسرحية، بيّنت أنّ لديها شغفاً بالعمل المسرحي، غير أنها لا تباشر بالكتابة إلا بعد أن تجيب على مجموعة من التساؤلات التي تطرحها على نفسها، وتتضمن لماذا أقوم بهذا العمل؟ وما هي رسالتي التي أود إيصالها إلى الناس؟، وما أهميته وارتباطه بواقع المجتمع؟ وختمت: "المسرح يعني لي رسالة وطريق نحو تعزيز الوعي الثقافي والفكري في المجتمع، والنجاح الذي أحققه يقاس بمدى التأثير الإيجابي للعمل المسرحي على الناس، ومدى مساهمته في خلق حالة من الوعي والإدراك لواقع معين أو أزمة ما، أو حالة فساد".
 

أحمد الرفاعي

من جهته، وفي جلسة أخرى، أكد الروائي الكويتي أحمد الرفاعي أنّ معرض الشارقة الدولي للكتاب، أحد الروافد الأهم للحراك الثقافي في العالم العربي، مشيراً إلى أنّ الأدب العربي يحتاج إلى منصة كبيرة مثل المعرض لرفع معايير إنتاج أعماله، وفتح الأفق أمام رواده للتواصل والحوار مع أدباء كبار عربياً وعلمياً.
 
جاء ذلك خلال جلسة عقدت من بُعد عبر منصة "الشارقة تقرأ"، أدارتها إيمان بن شيبة، ضمن فاعليات المعرض في دورته الـ 39، التي تنظمها هيئة الشارقة للكتاب في مركز إكسبو الشارقة. 
وكشف الروائي خلال الجلسة عن أحدث إصداراته الأدبية، معلناً عن روايته الجديدة "وطن عمري" التي تتحدث عن شاب يقف على قارعة الطريق ليبيع بعض المأكولات التي تطهوها والدته، من أجل الحصول على قوت يومه.
 
وفي رده على سؤال عن الهواجس التي يعيشها الكاتب قبيل شروعه بالعمل الروائي، بيّن الرفاعي أنه لا يشعر بمثل هذه الهواجس، نظراً لاندماجه وعيشه أحداث كتاباته، وتقمصه لشخوص الرواية على اختلافها وتناقضاتها، مستشهداً بقراره تأجيل كتابة روايته الرابعة "وطن عمري"، بسبب شعوره بأنه كان لا يزال يعيش أحداث ومشاعر مسلسله الإذاعي الأخير، خاتماً الجلسة بتوجيه نصيحة إلى الكتّاب العرب الصاعدين، حضّهم فيها على إثراء رصيدهم اللغوي، وزيادة معارفهم بالمفردات، وطرق توظيفها، والإلمام بالمعايير الصحيحة للكتابة الروائية، ومحاولة الحصول على مؤهل أكاديمي في هذا المجال، والتوجه إلى الدورات المتخصصة في الحالات التي يتعذر فيها الالتحاق بالمؤسسات الأكاديمية، ومواصلة مطالعة وقراءة الروايات، والأدب، والعلوم، والشعر، للتعرف على مختلف الأساليب الكتابية.
 
 
روبرت كيوساكي

أما الكاتب روبرت كيوساكي، مؤلف أكثر الكتب مبيعاً "الأب الغني، والأب الفقير"، فأكّد أنه لن يغير شيئاً في كتابه إذا كان سيكتبه مرة ثانية اليوم بعد 25 عاماً، موضحاً أن السبب الذي يدفع القراء للعودة إلى كتابه والإفادة منه هو غياب منهج التثقيف المالي الذي ينبغي أن يكون إلزامياً ضمن المدارس. جاء ذلك خلال جلسة افتراضية أقيمت أيضاً عبر منصة "الشارقة تقرأ"، أدارها براندي سكوت، مقدم البرامج في إذاعة "دبي آي". 

وأوضح كيوساكي، أحد أفراد الجيل الرابع من اليابانيين المهاجرين إلى الولايات المتحدة والمولود في هاواي، أن لحظة الإلهام جاءته عندما سأل أستاذه عن موضوع المال في الصف الرابع الابتدائي: "الكثير من المعلمين، ومنهم أبي الفقير الذي كان أكاديمياً، يتعاملون مع موضوع المال على أنه شر مطلق، لكن الحقيقة والواقع هو أننا جميعاً نستخدم النقود، سواءً كنا فقراء أم أغنياء، أصحاب شركات أو موظفين، حكومات أو أشخاص"، مشيراً إلى أنّ والده لم يستطع أن يُشبع فضوله حول سبب فقرهم، وكيف يمكنه أن يصبح غنياً ويكسب الكثير من النقود، لكن والده نصحه بالتحدث إلى والد صديقه الذي كان رائد أعمال والذي يجسد شخصية "الأب الغني" في الكتاب.
 
 
وأضاف: "تعلمت من والد صديقي أن أكون ملماً بالميدان المالي ومصطلحاته، وحين سألني المصرف عن بياناتي المالية عندما تقدمت بطلب للحصول على قرض للالتحاق بالجامعة، استطعت إقناع الإداريين العاملين في المصرف، وهو السبب ذاته الذي جعل المصارف توافق على إقراضي 300 مليون دولار في عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية والركود الاقتصادي".

وتناول كيوساكي "رباعية التدفق النقدي للرجل الغني"، وهي الطريقة التي شرح بها "الأب الغني" العناصر الأربعة التي تشكل عالم الأعمال وهي: الموظف، والشركة الصغيرة، والشركة الكبيرة، والمستثمر، وقال: "هناك أربعة أنواع من الناس، وإذا أراد الإنسان أن يكون ناجحاً في عالمنا اليوم، فعليه محاولة الانتماء إلى أكثر من فئة في الوقت ذاته، فمن الجيد للموظف أن يصبح مستثمراً أيضاً".

وتعاون كيوساكي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كتابين، ونشر أكثر من 30 كتاباً، وأعرب عن نيته مواصلة الكتابة، بقوله: "أنهيت كتابة آخر كتبي (عائدات غير محدودة: فن عدم دفع الضرائب باستخدام الديون)، الذي حاولت فيه أن أُبسط أفكار الكاتب ريتشارد بوكمينستر فولر، مؤلف كتاب (المسار الحاسم)، وأفكار الكاتب الأميركي جي إدوارد غريفين، مؤلف كتاب (مخلوق جزيرة جيكيل)، ولن أتوقف عن الكتابة أبداً".
 
نجوى ذبيان
 
بدورها، أكدت الروائية والشاعرة اللبنانية الكندية نجوى ذبيان، أن الأدب قادر على تمكين المرأة واسماع صوتها للعالم، وقالت: "إن قصة كل إنسان فريدة ومختلفة عن قصص غيره من البشر، سواءً كانت القيود والتحديات مجتمعية أو ثقافية، ولهذا يتوجب علينا أن نمعن النظر في داخلنا، ونسمع الصوت الذي ينادينا، وأن نعرف هويتنا ونكون على طبيعتنا".


جاء ذلك خلال جلسة افتراضية عقدت من بُعد، عبر منصة "الشارقة تقرأ"، حيث استعرضت ذيبان آفاقاً جديدة لجملة من المواضيع منها الاعتماد على الذات، والشعور بالألم، والنسيان، وحاجة المرأة للعثور على صوتها واكتشاف ذاتها ومواهبها.

واستطاعت صاحبة "شرارة العنقاء"، و"رحيق الألم"، و"مايند بلاتر"، تحويل تجربتها مع الألم إلى كلمات عميقة وملهمة، وحققت النجومية والشهرة الدولية لقدرتها الخلاّقة على سبر أعماق الروح البشرية، بالإضافة إلى شجاعتها في مشاركة أفكارها ومشاعرها عن معنى الإنسانية.
 


وقالت: "غالباً ما نخفي أجزاءً معينة من هويتنا أو نتظاهر بأننا أشخاص آخرون، غير ما نحن عليه ليقبلنا الناس في حياتهم، وعندما يعتمد رفاهنا على الطريقة التي يرانا بها الآخرون وعلى محاولة إرضائهم، سنكون على استعداد لاستجدائهم، لكننا في الحقيقة نستحق أكثر من هذا بكثير، فهناك قوة كبيرة تكمن في التغلب على رؤيتنا لأنفسنا من خلال نظرة الآخرين، واتخاذ القرار الواعي لتقييم أنفسنا من خلال نظرتنا".

وعن رؤيتها للألم، أكدت ذبيان: "نحن البشر نحب كافة الأشياء التي تشعرنا بالفرح والرضا والسرور، لكننا نسعى لتجاهل الألم، لأن الاعتراف بوجوده يشير إلى حاجتنا للقيام بأي شيءٍ للتخلص منه، وفي معظم الأحيان، أصعب قرار يأخده المرء هو القرار الواعي لتغيير ظروفه".

وكثيراً ما تكتب ذبيان، التي أصبحت صوتاً نسائياً رائداً بعد نشر مجموعتها الشعرية والنثرية الأولى عام 2016، عن الألم بوصفه وسيلة للتحول والتغيير الإيجابي.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم