معرض للصينيّ يان بي مينغ باسم الأب وتحت أنقاض زمن الكورونا الواقعي (صور)

 
باريس- أوراس زيباوي
 
يكرم متحف "أونترلندن" في مدينة كولمار في منطقة الألزاس الفرنسية الفنان الصيني العالمي يان بي مينغ (من مواليد العام 1960) من خلال معرض استعادي له يختصر أربعين عاما من تجربته الفنية.
 
يحتوي المعرض على أكثر من ستين عملا فنيا معظمها بأحجام كبيرة، وقد جيء بها من متاحف عالمية ومجموعات خاصة. الأعمال منفّذة بتقنيات مختلفة وتكشف عن نظرة الفنان الى نفسه والى نتاجه من خلال الكشف عن تطور أسلوبه في المراحل المختلفة وعن موقعه في تاريخ الفن المعاصر.
 
تحت أنقاض الزمن الواقعي.
 
وجوه ضخمة تحتل قاعات المتحف بحضورها ونظراتها وتمثل علاقة الفنان بين الخاص والعام، بين وجه أبيه ووجه الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، ومن هنا جاءت تسمية المعرض "باسم الأب" وهي ليست تسمية دينية كما أكد لنا الفنان يوم لقائنا به عند افتتاح المعرض، بل هي بحث عن هوية. تصويره الأب بهذا الأسلوب تنزع عنه الهالة الأسطورية وتضع أبا الأمة الصينية على مستوى واحد مع أبي العائلة. ثمة في هذا العمل ما يحيلنا على مقولة عالم التحليل النفسي النمسوي سيغموند فرويد التي تتحدث عن قتل الأب، بصورة رمزية طبعا، من أجل تجاوز سطوته والتحرر من سلطته.
 
باسم الأب.
 
أما المقاربة الفنية التي اعتمد عليها الفنان الصيني فتختلف عن التي عرفناها مع الفنان الأميركي أندي وارهول الذي اتخذ أيضا وجه ماو تسي تونغ موضوعا له في أعماله لكنه أنجزه بأسلوبه الخاص القريب من الملصقات الدعائية.
 
 
 باسم الأب.
 
إضافة الى هذه الأعمال، خصصت صالة لرسوم ذاتية أنجزها الفنان لنفسه خلال حقبات متعددة. مقابل ذلك تطالعنا في الصالة الأخيرة وتحت عنوان "أنقاض الزمن الواقعي" لوحات تنطلق من الواقع الذي يعيشه العالم اليوم بسبب جائحة كورونا. اللوحة الكبرى في هذا المجال عنوانها "الوباء" وتُظهر الانسان وحيدا أمام مأساة المرض والموت. وفي خلفية اللوحة مدينة بعيدة تحت ضوء القمر. تحيل هذه اللوحة أيضا على تاريخ الفن ككل، من خلال الأعمال الفنية التي جسدت المجاعات والأوبئة والمجازر والكوارث والحروب والثورات.
 
أوتو بورتريه.
 
لا تغيب المناظر الطبيعية عن هذا المعرض وهي تتميز باعتماد الفنان على الألوان القاتمة والسوداء التي لا تبتعد في خطوطها وملامحها عن خطوط وملامح الوجوه، كأن الفنان تعاطى معها بصورة إنسانية تشي بحالات القلق والخوف والتأمل. ولم نفاجأ بهذه الرؤية الفنية بعدما استمعنا الى الفنان وهو يقول "أردت أن أبتكر لوحة عالمية تتجاوز الزمن. لوحة على مستوى الأوضاع التي تنطلق منها. وهي تتوجه الى الذين عاشوا الجائحة التي نعيشها اليوم وتشهد على هذه الحقبة للأجيال الآتية".
 
 أوتو بورتريه.