الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سماح إدريس حمل "آدابه" وفلسطينه إلى الفضاء الأوسع

المصدر: "النهار"
الكاتب والناقد والمترجم والناشر الراحل سماح إدريس.
الكاتب والناقد والمترجم والناشر الراحل سماح إدريس.
A+ A-
توفّي الكاتب والناقد والمترجم والناشر والمثقّف والمناضل سماح إدريس (1961-2021) بعد معاناة مع المرض، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًّا ونضاليًّا من الصعب تناسيه وتجاهله.
 
هو ابن سهيل إدريس وعايدة مطرجي، الأديبَين المثقّفين اللذين ساهما مع جمهرةٍ من الأدباء والكتّاب والمثقّفين في إرساء مفاهيم مدينيّة لبيروت الثقافيّة في منتصفات القرن وستّيناته وسبعيناته. إلى جملةٍ من القيم والمعارف نادت بها مجلّة "الآداب" والدار التي تحمل اسمها، وساهمت في منح المدينة أبعادها العروبيّة والقوميّة في مقابل تيّارات الحداثة والخروج من قمقم الظلاميّات الإيديولوجية والسياسيّة والثقافيّة.
 
انتمى سماح إدريس إلى الفكر العلمانيّ ودعا إلى تجديد الفكر القوميّ العربيّ، والانضواء في كنف العروبة الحضاريّة، والتزام النضال من أجلها، ولا سيّما الكفاح من أجل تحرير فلسطين من يد كيان الاغتصاب الصهيونيّ، منافحًا عن القضيّة الفلسطينيّة، معتبرًا إيّاها قضيّةً كيانيّةً ووجوديّة ومصيريّة، لا تعني الفلسطينيّين فحسب، ولا اللبنانيّين والعرب فقط، بل الإنسانيّة جمعاء، باعتبارها قضية حقّ وعدل.
 
رأس سماح، بعد أبيه، تحرير مجلة "الآداب" الورقيّة (1992-2012) والالكترونيّة منذ 2015. حاز على دكتوراه في دراسات الشرق الأوسط من جامعة كولومبيا الأميركية، وماجستير اللغة العربية وآدابها من الجامعة الأميركية في بيروت وليسانس في الاقتصاد من الجامعة نفسها. وضع أبحاثًا ودراسات نقديّة، وكتب مقالات في محاربة التطبيع، وهو عضو مؤسّس قي حملة مقاطعة داعمي اسرائيل في لبنان.
 
أكثر ما اتصف به سماح إدريس، أنّه كان مثقّفًا مؤمنًا بأفكاره، ملتزمًا إيّاها، مدافعًا عنها، منخرطًا من أجلها في حروبٍ ثقافيّة، اعتبرها مسألة حياة أو موت، لا هوادة فيها، حيث لا مكان للتهاون والمهادنة، ولا لأنصاف الحلول.
 
تصحّ فيه صفة المثقّف الملتزم الذي جعل مجلّته "الآداب" مندرجة في خدمة إيديولوجيا الالتزام والنضال، والأدب السياسيّ والقوميّ والعروبيّ الصارم، مكرّسًا مواهبه المتعدّدة وطاقاته الأدبيّة والأكاديميّة من أجل القضايا الوطنيّة والقوميّة ومناهضة التطبيع. وهو في هذا المعنى، جمع حول شخصه ومجلّته ودائرته الثقافيّة رهطًا من الكتّاب يتمحور نشاطهم تمحورًا تامًّا حول الهموم والمواضيع والهواجس والنضالات والمعارك الثقافيّة الملتزمة التي استحوذت عليه بالكامل، على غرار ما يفعله المثقّفون المنضوون في الأحزاب الإيديولوجيّة والقوميّة.
 
سماح إدريس لم يكن موضع إجماع، لكنّه كان موضع احترام. غيابه سيترك ألمًا كبيرًا وفراغًا فادحًا، ولا سيّما أنّه كان لا يزال في عزّ نشاطه، مخطّطًا لمشاريع ثقافيّة وأدبيّة مستقبليّة. ستخسر بوفاته الثقافة اللبنانيّة والقضيّة الفلسطينيّة ركنًا معروفًا وموقعًا حصينًا من مواقع الدفاع عن فلسطين والحرّيّة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم