كرم ع درب.
شربل عقل جرمانوس
لسنا على ما يرام.
إذا أردنا أنْ نكتب عن شعر يوسف جبرين يعني ذلك أنّ هناك فيضاناً من الحزن سيضرب حقول الوقت. وسيتسبّب بحسب حكايات الغيم بمزيدٍ من البكاء:
البكاء على صوت خليل روكز الّذي تركه في غرفة أبي، وهو يصف لنا "ابتسامة فصل الربيع"، ويعبّر عن مأساة موت "جوزفين"، مكتوياً بنارَي البقاء في لبنان أو الرحيل عنه، فيصرخ أبي من جهةٍ "آه" فيردّ عليه يوسف جبرين من جهةٍ أخرى "طيّب يا خليل". ويروحان يتساءلان بصوت عالٍ تحت نغمات كاسات العرق: مَن سيأتي بعد خليل؟؟!!.. رحل خليل، بقي شعره. رحل أبي، بقيت سجائره مشتعلة. أمّا يوسف جبرين فقد انضمّ إلى شعراء المهجر، بعدما أبرز لهم بطاقة دمعه المتساقط من شعره.
البكاء على هجرة لم تستطع التأقلم مع الهجرة، حيث المال والحرّية والنظام... أخذت معها من هنا، زواويد المآتم، ولعب الأطفال، وذكريات حصان لم يستطع عبور الرصاص الممتدّ في الهواء...
لسنا على ما يرام،
لا نملك وقتاً يا صديقي يوسف لكي نقرأ ديوانك الشعريّ، لأنّنا امتلأنا حزناً ههنا... الديوان الشعريّ الأهمّ في التاريخ هو مأساتنا في هذا الوطن. هو كربلاء أحلامنا. هو جلجلة أعمارنا. كلّ أرويته خيانة. كلّ قوافيه خيانة. وكلّ كتّابه من فئة البلاط.
على كلّ حال، في ديوانك الشعريّ "كرم عا درب" حفاظ على بنية القصيدة الزجلية، ونسخة فوتوغرافيّة طبق الأصل عن واقعنا اللبناني، لكأنّك لا تزال هنا. تشعر بما نشعر. تعاني ما نعانيه من ظلم وفساد. أصلاً، لا ينقصك شيء من الاندماج الكلّي في واقعنا الكورونيّ والوطنيّ. فأنت حسّاس تلتقط أنفاسك إشارات المآسي من قريب ومن بعيد. وأنت سيّئ الحظّ، إلّا مع الشعر، لذا، تعلن تحالفك مع الثائرين في وجه الفقر، وتشعل غضبك على القابعين في القصور. فترسل في قصائدك نسمات الحنين إلى الوطن، وتأخذ من الطبيعة الحضن الدافئ لكي تسند رأسك عليه وتغفو بكامل حواسّك، فيترجّح حنينك بين السوداويّة، ورغبة العودة. وإنّي ههنا أستغلّ الفرصة لأسألك، مَن هو المنحوس؟! صاحب الدكّان؟ أم الإنسان الملاحق من مخابرات حنينه؟ أم الشاعر؟
لا أريد منك أن تخبرني أنّه أنت، من دون لفّ أو دوران:
منحوس، فكّر يشتري دكّان
بيتاجر بوزنات... وبيربحْ
وَسّعْ البسطهْ، وْكبّر الإعلان
وْصار العَصر بالعمر، ما استفتحْ
وإذا أردت، هو الوطن الّذي نشعر به ولا يشعر بنا، هو سبب شعورنا بالاغتراب الدائم. في وطننا الحبيب، نهرب من المطر فنصادف البرد، على حدّ قول المثل التركي.
ولا تزال بيروت حاضرة في ذاكرتك، ومشاهد الذئاب الحاكمة التي تنهش جسدها راسخة في مخيّلتك:
بيروت إمّ الحرف والأبيات
ولبنان حرقو كتابها ديابو
والبحر عم بيقلّب الصفحات
والشطّ يبكي دمّ عَ كْتابو
ولا تغيب ذاتيّة يوسف جبرين عن ذاته، وهو الّذي تعمّد بالحرمان، ورأى كيف أنّ شريعة الغاب تحكم علاقات الأفراد... كفر... ثمّ عاد إلى الإيمان... هو ترجُّحٌ بين الشكّ واليقين... بين العقل والقلب... غير أنّ عودته ارتطمت بوجعٍ أوسع:
ضوّيت شمعه، طالب الغفران
عرفت حالي، تناولت دمعهْ
والشمعدان مشحرقْ، وعطشان
تشرب كفوفو دمعة الشمعهْ
لسنا على ما يرام.
إذا أردنا أنْ نكتب عن شعر يوسف جبرين يعني ذلك أنّ هناك فيضاناً من الحزن سيضرب حقول الوقت. وسيتسبّب بحسب حكايات الغيم بمزيدٍ من البكاء:
البكاء على صوت خليل روكز الّذي تركه في غرفة أبي، وهو يصف لنا "ابتسامة فصل الربيع"، ويعبّر عن مأساة موت "جوزفين"، مكتوياً بنارَي البقاء في لبنان أو الرحيل عنه، فيصرخ أبي من جهةٍ "آه" فيردّ عليه يوسف جبرين من جهةٍ أخرى "طيّب يا خليل". ويروحان يتساءلان بصوت عالٍ تحت نغمات كاسات العرق: مَن سيأتي بعد خليل؟؟!!.. رحل خليل، بقي شعره. رحل أبي، بقيت سجائره مشتعلة. أمّا يوسف جبرين فقد انضمّ إلى شعراء المهجر، بعدما أبرز لهم بطاقة دمعه المتساقط من شعره.
البكاء على هجرة لم تستطع التأقلم مع الهجرة، حيث المال والحرّية والنظام... أخذت معها من هنا، زواويد المآتم، ولعب الأطفال، وذكريات حصان لم يستطع عبور الرصاص الممتدّ في الهواء...
لسنا على ما يرام،
لا نملك وقتاً يا صديقي يوسف لكي نقرأ ديوانك الشعريّ، لأنّنا امتلأنا حزناً ههنا... الديوان الشعريّ الأهمّ في التاريخ هو مأساتنا في هذا الوطن. هو كربلاء أحلامنا. هو جلجلة أعمارنا. كلّ أرويته خيانة. كلّ قوافيه خيانة. وكلّ كتّابه من فئة البلاط.
على كلّ حال، في ديوانك الشعريّ "كرم عا درب" حفاظ على بنية القصيدة الزجلية، ونسخة فوتوغرافيّة طبق الأصل عن واقعنا اللبناني، لكأنّك لا تزال هنا. تشعر بما نشعر. تعاني ما نعانيه من ظلم وفساد. أصلاً، لا ينقصك شيء من الاندماج الكلّي في واقعنا الكورونيّ والوطنيّ. فأنت حسّاس تلتقط أنفاسك إشارات المآسي من قريب ومن بعيد. وأنت سيّئ الحظّ، إلّا مع الشعر، لذا، تعلن تحالفك مع الثائرين في وجه الفقر، وتشعل غضبك على القابعين في القصور. فترسل في قصائدك نسمات الحنين إلى الوطن، وتأخذ من الطبيعة الحضن الدافئ لكي تسند رأسك عليه وتغفو بكامل حواسّك، فيترجّح حنينك بين السوداويّة، ورغبة العودة. وإنّي ههنا أستغلّ الفرصة لأسألك، مَن هو المنحوس؟! صاحب الدكّان؟ أم الإنسان الملاحق من مخابرات حنينه؟ أم الشاعر؟
لا أريد منك أن تخبرني أنّه أنت، من دون لفّ أو دوران:
منحوس، فكّر يشتري دكّان
بيتاجر بوزنات... وبيربحْ
وَسّعْ البسطهْ، وْكبّر الإعلان
وْصار العَصر بالعمر، ما استفتحْ
وإذا أردت، هو الوطن الّذي نشعر به ولا يشعر بنا، هو سبب شعورنا بالاغتراب الدائم. في وطننا الحبيب، نهرب من المطر فنصادف البرد، على حدّ قول المثل التركي.
ولا تزال بيروت حاضرة في ذاكرتك، ومشاهد الذئاب الحاكمة التي تنهش جسدها راسخة في مخيّلتك:
بيروت إمّ الحرف والأبيات
ولبنان حرقو كتابها ديابو
والبحر عم بيقلّب الصفحات
والشطّ يبكي دمّ عَ كْتابو
ولا تغيب ذاتيّة يوسف جبرين عن ذاته، وهو الّذي تعمّد بالحرمان، ورأى كيف أنّ شريعة الغاب تحكم علاقات الأفراد... كفر... ثمّ عاد إلى الإيمان... هو ترجُّحٌ بين الشكّ واليقين... بين العقل والقلب... غير أنّ عودته ارتطمت بوجعٍ أوسع:
ضوّيت شمعه، طالب الغفران
عرفت حالي، تناولت دمعهْ
والشمعدان مشحرقْ، وعطشان
تشرب كفوفو دمعة الشمعهْ

صديقي يوسف،
نحن على ما يرام
وصلني كتابك، وقد وضعته مرّات عديدة فوق مكتبة عينيَّ كنسمة هواء.
العلامات الدالة
الأكثر قراءة
المشرق-العربي
12/6/2025 12:01:00 AM
لافتات في ذكرى سقوط نظام الأسد تُلصق على أسوار مقام السيدة رقية بدمشق وتثير جدلاً واسعاً.
المشرق-العربي
12/6/2025 1:17:00 PM
يظهر في أحد التسجيلات حديث للأسد مع الشبل يقول فيه إنّه "لا يشعر بشيء" عند رؤية صوره المنتشرة في شوارع المدن السورية.
منبر
12/5/2025 1:36:00 PM
أخاطب في كتابي هذا سعادة حاكم مصرف لبنان الجديد، السيد كريم سعيد، باحترام وموضوعية، متوخياً شرحاً وتفسيراً موضوعياً وقانونياً حول الأمور الآتية التي بقي فيها القديم على قدمه، ولم يبدل فيها سعادة الحاكم الجديد، بل لا زالت سارية المفعول تصنيفاً، وتعاميم.
اقتصاد وأعمال
12/4/2025 3:38:00 PM
تشير مصادر مصرفية لـ"النهار" إلى أن "مصرف لبنان أصدر التعميم يوم الجمعة الماضي، تلته عطلة زيارة البابا لاون الرابع عشر الى لبنان، ما أخر إنجاز فتح الحسابات للمستفيدين من التعميمين
نبض