الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

زينة دكّاش: لا تكتمل أهدافي في السينما إلّا بتغيير القوانين (فيديو)

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
زينة دكّاش خلال التصوير في السجن.
زينة دكّاش خلال التصوير في السجن.
A+ A-
العلاج بالدراما هو الاختصاص الذي اشتهرت فيه المخرجة اللبنانية زينة دكّاش منذ فيلمها الأوّل "12 لبناني غاضب"، (أفضل وثائقيّ في مهرجان دبي 2009) الذي ساهم في تعديل بعض القوانين الجائرة في حقّ السجناء. أمّا فيلمها الثاني "يوميات شهرزاد" عن قصص النساء في سجن بعبدا، فكان خلف صدور تشريع يحمي المرأة من العنف الأسريّ. شتّان بين أدوارها الكوميدية على التلفزيون في بداياتها، ومساهمتها في تحسين الحياة السجنيّة، والنهوض بالمساجين بأرقى الأساليب الفنية انتصاراً للإنسان داخل كلّ واحد من هؤلاء الذين عاكستهم ظروف الحياة، فوجدوا أنفسهم داخل السجن. دكّاش الملتزمة قضية تؤمن بها، تحمل منذ نحو عقد ونصف العقد، معاناة وهموم هؤلاء الذين خلف القضبان، من دون أن تنسى تذكيرنا بأنّ الدولة التي هي مسؤولة عنهم، ترميهم في أماكن لا تليق بالعيش الآدمي.

في "السجناء الزرق"، وهو ما يمكن اعتباره الجزء الثالث من ثلاثيتها عن السجون اللبنانية، والذي شاهدته في مهرجان مالمو للفيلم العربي، تسلّط دكّاش النور على المساجين الذين يعانون اضطرابات نفسية وخللاً عقلياً. المشكلة أنّ السجن الذي ترميهم فيه السلطات المعنية ("السجن الأزرق" في رومية)، ليس السجن المناسب لهم. صحيح أنّهم ارتكبوا جنحاً وجرائم، وأنّ قانون العقوبات اللبناني الخاصّ بالمرضى النفسيين (يعود إلى العام 1943 ويطلق عليهم "موسوسين ومعاتيه"، من دون أيّ مراعاة للتقدّم في مجال علم النفس عبر السنوات)، ينصّ على وضعهم في السجن إلى حين شفائهم، إلّا أنّ هذا يُعتبر تعدّياً صارخاً على حقوقهم وحكماً بالإعدام في حقّهم، ذلك أنّ المريض النفسي لا يشفى من دون علاج، وفي غياب أطباء يتابعون حالته وتطوّراتها، بل قد يتحسّن فقط إذا توافرت بعض الظروف. بدلاً من تقديم رعاية صحية لهم، ها انّهم تُركوا من دونها، بعدما نسيهم المجتمع وهمّشتهم الدولة. دخلت زينة دكّاش السجن في محاولة وضع حدّ لهذا الظلم في حقّ هؤلاء، وفي سعي نبيل منها ليستعيدوا ما فقدوه، أي حقّهم في حياة كريمة أياً تكن جرائمهم. كي نهتم بقضيتهم، علينا أن نعرف مَن هؤلاء، من أين أتوا، وكيف نشأوا، وما الذي حصل كي ينتهي بهم الأمر في السجن، متروكين من الجميع.   
 

"السجناء الزرق" لزينة دكّاش. 

لكن، مهلاً، نحن لسنا أمام عمل يبثّ الوعي ويحاكي واقع السجون المزرية في لبنان محاولاً صوغ قانون جديد. هذا تحصيل حاصل عند دكّاش الملتزمة قضيتها، لكنه جزء من المشروع وليس كله. هناك مستوى آخر في الفيلم وهو مستواه السينمائي، لغته وكيفية التعبير عن الفكرة بالصورة. الفكرة الحسنة في هذا المجال هي فكرة تسليم المحكومين قصص المحكومين المرضى لتجسيدها، وذلك بعد خضوعهم لتمارين، رغم أنّ إدارة السجنين تفصل العقلاء عن "المجانين" وتمنع التواصل بينهم. هذا كلّه، يعطي الفيلم تميزاً معيناً، ويخلق تعاوناً جميلاً بين مختلف السجناء. يحمل "السجناء الزرق" بُعداً إنسانياً، ولا يوجد فيه ما هو أجمل من التعاون بين كلّ الأطراف، وهو وحده قادر على إدانة وحشية الإهمال الاجتماعي والتهميش الرسمي اللذين يعانون منهما. تطلب تصوير الفيلم 3 سنوات من العمل، بوحاً وعلاجاً، وهذا كلّه كان لا بدّ أن يفضي إلى بعض التحسينات على مستوى المبنى والتجهيزات، كما أنّه ساهم في تعزيز العلاقات بين القابعين في السجن، ومنهم مَن بات يتلقّى زيارات من أفراد عائلته، أو انتقل إلى مراكز لتلقّي العلاج. 

في مهرجان مالمو للفيلم العربيّ، حيث عُرض الفيلم، كان لـ"النهار" اللقاء الآتي مع زينة دكّاش.
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم