الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

عرض "شوا" في الذكرى الـ80 لترحيل اليهود من تسالونيك: رحلة كلود لانزمان إلى أقاصي الجحيم والمأساة اليهودية

المصدر: "النهار"
هوفيك حبشيان
Bookmark
“شوا” لكلود لانزمان.
“شوا” لكلود لانزمان.
A+ A-
تسالونيك - هوفيك حبشيان تقع صالة "ماكيدونيكون" في أحد أحياء تسالونيك البعيد نسبياً من وسط المدينة. عشرون دقيقة سيراً لتجد نفسك في ربوعها. هناك شاهدتُ في الأيام الأخيرة، معظم الأعمال القديمة التي يعرضها مهرجان تسالونيك الخامس والعشرون للفيلم الوثائقي (2 - 12 آذار) في اطار أقسامه الاستعادية والتحيّات. نظراً إلى نوعية البرنامج، لم يكن الجمهور غفيراً. رأيتُ بين المشاهدين فضوليين وعشّاق اكتشافات وهواة حنين إلى الماضي، وغيرهم من الذين يصعب تحديد علاقتهم بالسينما بمجرد النظر إلى وجوههم. بعض العروض لم يجمع أكثر من ثلاثين مشاهداً في صالة لا يتجاوز عدد كراسيها الـ200. عروض أخرى كان الحضور فيها أقوى. كلّ شيء يتوقّف على توقيت العرض والفيلم المعروض.بين جدران هذه الصالة، أتيحت لي مشاهدة "شوا" (1985) لكلود لانزمان في نسخة مرمّمة ومنقّحة وكاملة صدرت في العام 2012. في الخامس عشر من آذار من العام 1943، كان انطلق أول القطارات من تسالونيك إلى أوشفيتز التي تحمل اليهود على متنها. في أوشفيتز، كانت الجحيم في انتظارهم. بعد 80 عاماً بالتمام، أراد المهرجان ان يرد الاعتبار إلى الضحايا اليهود الذين هم من النسيج الاجتماعي والثقافي والحضاري لهذه المدينة منذ ألفي عام، وهي كانت دائماً تلم شملهم. في هذا الاطار، عُرضت عشرة أفلام من بينها "شوا".دخلنا إلى الصالة في تمام الساعة الأولى بعيد الظهر وخرجنا منها بعد 566 دقيقة (مدة الفيلم) فضلاً عن الفترة التي استغرقتها الفواصل الثلاثة على سبيل الاستراحة. كانت نحو 11 ساعة عشنا خلالها تجربة إنسانية وصدمة جمالية قلّما عشتُ مثلهما في حياتي. كنت أعتقد أنني شاهدتُ الفيلم سابقاً عبر شرائط الفيديو المتاحة في التسعينات. كم كنت ساذجاً ومخطئاً. تلك كانت معاينة لا مشاهدة، مجرد علم وخبر. المشاهدة الوحيدة لمثل هذا العمل تتحقق داخل صالة، شرط ان تكون دفعة واحدة. هي وحدها تتيح هذا الانغماس داخل الذاكرة وهذه الرحلة إلى أقاصي الجحيم.انطلق العرض مع نحو مئة مشاهد وانتهى في منتصف الليل مع نصف ذلك العدد. مَن صمد وقاوم الخروج إلى الشمس، فشهد ما شاهده وسجّل عقله ما سجّله، سيحمل هذه التجربة إلى قبره. أنا الذي يزعجني الجلوس لفترة طويلة على كرسيّ بسبب ألم في ركبتيّ، لم أشعر بوطأة الزمن وهو يمر. مثلي كثر داخل الصالة حيث ساد الصمت، صمت القبور و"الشر العادي".أقدم لانزمان (1925 - 2018) في "شوا" على تسجيل شهادات، فجمع الضحايا والقتلة في وصلة واحدة من دون أي مواجهة بينهم غير تلك التي يتيحها الخيال. وثّق وصوّر على مدار 11 سنة شهادات الناجين من المحرقة النازية والتقى شهود عيان من سكّان القرى البولندية المجاورة لمعسكرات القتل (سوبيبور، تريبلينكا، أوشفيتز…)...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم