رحيل عصام منصف زميلنا...

 
ربيعة أبي فاضل
 
رحل زميلنا عصام، أستاذ الأدب الفرنسي، والقارئ النهم للرواية الفرنسيّة، وأحد كتّاب "النهار"، في الثمانينيّات، والتسعينيّات، برعاية الشاعر شوقي أبي شقرا. مقالاته نقديّة، فيها جمال وشفوف وشغف حلو، وفيها لُمعٌ معنويّة هادفة، وفيها هذا البعد الإنساني، والثقافي والروحي. الصديق عصام تحلّى بالعفويّة، والصدق، وبمحبّة الحياة، وكان يتوق إلى توازن في التثقّف والكتابة، حرصاً على الغنى والعمق. كنّا في النهار، قبل 1995، سرباً من الأجنحة التي لا تستريح، وجماعة جديّة، ومبدعة، وتعطي من دون حساب. الوداع، عصام، هجرتَ أرضنا اللبنانيّة وهي مصلوبة، تحتاج إلى صلوات حارّة لتعرف القيامة. صلّ معنا، من فوق، كي تكون أيّام أحفادنا مختلفة عن هذه الأيّام المأسويّة الراعبة! سنذكرك دائماً، صديقاً نبيلاً، وكاتباً طموحاً وحرّاً. 
 
يبدو أننا آخر جماعة تتذوّق الشعر والأدب، وتستعين بالمشاعر الراقية، والخيال، لصنع حياة جديدة، وإنسان جديد. كنّا نقاوم الحواجز، والقذائف، ونؤمن بقوّة الكلمة، وبأهمّيّة اللقاء، والحوار. ورحنا مسلّحين بالكلمة البهية، نبني الجسور، ونهدم الجدران... لكنّنا اكتشفنا أنّ الواقع المعيش في وادٍ، ونحن في آخر. انطلقنا فوق السياسة، والحقد، والتزمُّت، وكنّا جيلاً لا يقلّ رونقاً ورواقاً عمّن سبقنا، في "مجلّة شعر"، فكانت الأصالة، ومعها الحداثة المتّزنة، طريقنا إلى الذات العميقة. إنّنا أنتجنا من حروبهم سلاماً، ومن عصبيّاتهم قيماً، وتطلّعات بعيدة وراقية. كنّا زاهدين بأشياء المادّة، ومنتمين إلى بهاءات الثقافة الخالدة.