ثلاثُ قصائدَ للشَّاعرِ البنغاليِّ مسعود الحق: لقدْ عرفَ الرَّجلُ نفسَه

 

ترجمةُ: محمَّد حِلمي الرِّيشة
 
 
مرثيَّة: بازار كوكس(1) 

فِي المرآةِ؛ تَطفو علَى سطحِ البحرِ
سماءٌ مبنيَّةٌ بالحجرِ الرُّخاميِّ،
وفَراشاتُ السَّحابةِ، والقَناني الزُّجاجيَّةُ،
ورائحةُ الملحِ ترتفعُ مِن كأْسِ النَّاسِ.

"شِيبْرَا"(2) و"سِيفَاتْ"(3) والكبيرُ "سِينْها"(4) -
بحثًا عنِ الماسِ الأَسودِ
يستلقونَ علَى الشَّاطئِ، عطرُ الغيومِ
ينتثرُ فِي الهواءِ،
وقناعُ الإِعياءِ والأَمانُ،
وطريقُ "إِيناني"(5) وسماءٌ بعيدةٌ
يُصبحانِ وجهًا لوجهٍ.

اللَّونُ الفضِّيُّ فِي ريشِ الحمامةِ مليءٌ بالرَّغوةِ، 
و"بازارُ كوكس" المالحُ يستيقظُ...

لَا أَحدٌ منَّا يفكِّرُ فِي موتِ العناكبِ.

يظهرُ "شِيبْرَا" مِن نهرِ "شَامْبَال"(6)...
تلمسُ روحُ الغابةِ "سِيفات"... 
يريدُ الكبيرُ "سِينْها" أَنْ يذهبَ إِلى "مونيبور"(7)... 

يغطُّونَ أَعمارَهمْ بالملابسِ،
وقدْ تمَّ نفيُهمْ واحدًا تلوَ الآخرَ،
ويجتمعونَ علَى الشَّاطئِ

لَمْ نسمعْ نُطقَ دمائِهمْ مِن قبلُ،
اسمَ الحبيبِ
الَّذي ينامُ فِي دمائِهمْ... ينامُ...

ومعْ ذلكَ، لَمْ نتعلَّمْ الاسمَ مِن مطرِ البحرِ؛
نعرفُ طعمَ الخريفِ والبرتقالِ.

مِن بينِ الَّذينَ دخلُوا مِن "بُورما" 
بعضُهمْ مثلَ أَسلافِنا
يجلبونَ سوقَ المرحِ ملفوفًا بالورقِ.

نأْتي، أَيضًا، إِلى الشَّاطئِ بآلةِ تصويرِ "سِينْها"... 
أُزيلَ قناعُ الأَمانِ،
وانتشرَ صوتُ الرَّصاصِ...
تجعلُنا رائحةُ البارودِ سُكارَى،
ومعْ ذلكَ، يتمُّ بناءُ أَكواخِنا علَى الرُّفوفِ.

لَا تهبُّ الرِّيحُ ولَا نحنُ كذلكَ،
مسمرَها هوَ علَى صدرِهِ.
تحفرُ الرِّيحُ مأْوانا،
وننامُ كالنَّملِ فِي جبالِ الرِّيحِ.

نُغنِّي فِي السِّرِّ:
"بازارُ كوكس" هوَ خيمتُنا؛
"بازارُ كوكس" هوَ جدارُنا ونجمُنا.

إِشاراتٌ: 
(1) بازار كوكس: مدينةٌ تقعُ علَى السَّاحلِ الجنوبيِّ الشَّرقيِّ لبنغلادش. تشتهرُ بشاطئِها الرَّمليِّ الطَّويلِ جدًّا، والَّذي يمتدُّ مِن شاطئِ البحرِ فِي الشَّمالِ إِلى شاطئِ "كولاتولي" فِي الجنوبِ.
(2) شِيبْرَا: اسمُ شابَّةٍ.
(3) سِيفَاتْ: اسمُ شابٍّ.
(4) سِينْهَا: اسمُ رجلٍ.
(5) إِيناني: شاطئٌ؛ جزءٌ مِن شاطئِ "بازار كوكس"، يمتدُّ بطولِ 18 كم فِي "أُوخيا أوبازيلا" فِي منطقةِ "بازار كوكس"- بنغلادش.
(6) شَامْبَال: اسمُ نهرٍ.
(7) مونيبور: ولايةٌ تقعُ شمالَ الهندِ، عاصمتُها مدينةُ "إِيمفال". تحدُّها ولاياتُ "ناجالاند" الهنديَّة منَ الشَّمالِ و"ميزورام" منَ الجنوبِ و"آسام" منَ الغربِ. كمَا تحدُّها منطقتانِ فِي "ميانمار"، ومنطقةُ "ساغينغ" منَ الشَّرقِ وولايةُ "تشين" منَ الجنوبِ. 

الشاعر.
 
2. الذَّخيرةُ 

لَا أَعرفُ مَا هوَ تأْثيرُ القمرِ علَى النَّاسِ،
لكنْ يصِلُ النَّاسُ إِلى القمرِ فِي بعضِ الأَحيانِ.

ابتعدتُ عنِ الأُسرةِ السَّاعةَ الثَّالثةَ ليلًا.
حينَ يسمعُ شخصٌ مَا جرسَ السِّجنِ؛
صافرةُ الحارسِ اللَّيليِّ:
ماذَا لوِ التقَى القمرَ.

وجدَ النَّاسُ علَى القمرِ أَنَّهُ يتحوَّلُ إِلى بارودٍ.


3. صوفيٌّ 

أَصبحَ الرَّجلُ "بِصْريًّا"* 
مهمَا كانَ يشعرُ،
فقدْ حصلَ علَى لغةِ التَّعبيرِ.

لقدْ عرفَ الرَّجلُ نفسَهُ.

إِذنْ، أُولئكَ الَّذينَ لَا يعرفونَ أَنفسَهمْ
مثلَ النَّاسِ الَّذينَ يعبثونَ فِي حشدٍ؛
النَّاسُ الَّذينَ لَا أَثرَ لهمْ!

أُطلقتِ النَّارُ علَى جسدِ ذلكَ الرَّجلِ،
وتمَّ التَّعرُّفُ إِليهِ مِن لونِ عينَيْهِ الفاتحِ!

إِشارةٌ:
* بصْريًّا: علَى دربِ التَّصوُّفِ.
 
المترجم والباحث.
 
مسعود الحق (1968م): شاعرٌ بنغاليٌّ معاصرٌ، وكاتبُ قصَّةٍ قصيرةٍ، ومترجمٌ، وباحثٌ. حاصلٌ علَى درجةِ الدُّكتوراةِ فِي الجماليَّاتِ فِي جامعةِ "جاهانجيرناغار"، دكَّا- بنغلادش.
 
نشرتْ لهُ الأَعمالُ الآتيةُ:
 
فِي القصَّةِ القصيرةِ: "تاماكبري" (1999).
فِي الشِّعرِ: "قصائدُ دونيموي بالوك" (2000). "دادشيل شايا"، الَّتي ترجمتْ بعنوانِ "ظلُّ الوهمِ" (2005). "جونماندهر سوابنا"، الَّتي ترجمتْ بعنوانِ "حلمُ الرَّجلِ الأَعمى" ((2010، ترجمةُ: كيلي جي. كوبلاند.
كمَا قامَ مسعود الحق بترجمةِ قصيدةِ "أَربعُ رباعيَّات" للشَّاعرِ ت. س. إليوت (2012)، وقصيدةِ "عُواء" للشَّاعرِ "ألن جينسبيرغ" ( (2018منَ الإِنكليزيَّةِ إِلى البنغاليَّةِ. 
فِي أَواخرِ التِّسعينيَّاتِ، ولمدَّةِ ثلاثِ سنواتٍ، عملَ فِي إِطارِ زمالةٍ بحثيَّةٍ فِي الأَكاديميَّةِ البنغاليَّةِ، وقدْ نشرتْ لهُ الأَكاديميَّةُ كتابَيْهِ البحثيَّينِ. 
نُشرتْ قصائدُ لهُ باللُّغاتِ: الصِّينيَّةِ، والرُّومانيَّةِ، والماندرينيَّةِ، والأَذربيجانيَّةِ، والتُّركيَّةِ، والنِّيباليَّةِ والإِسبانيَّةِ. 
يعملُ حاليًّا أُستاذًا للفلسفةِ فِي الكليَّةِ الحكوميَّةِ فِي بنغلادش.