الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

لوحة الأسبوع: لور غريب تبحث عن الأمان

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
البحث عن الأمان.
البحث عن الأمان.
A+ A-
غالباً ما نتحدث عبر الهاتف. ننغمس في حكايات الماضي. تنقل إليّ خبرتها مع كومة الجنون التي هي الحياة. تحوّل الأيام "شويّة" مقاطع "فضفاضة" من القصص المشوّقة التي ما زالت تعيشها "بعد كلّ هالعمر". اختارت لي لوحة قريبة من روحها. ما يبقى في الأرض بعد الحصاد، لحظات عابرة من الإبداع. تمضي ساعاتها في الرسم. من العزلة تولد "أسراب" الألوان والكلمات، بعدما تحوّلت منازلنا أشبه بأكواخ صغيرة نحتمي فيها من "طنين" الواقع.
 
سجناء "راضيين" بواقعنا". تقول لي بأسلوبها الحرّ الذي اعتده منذ أكثر من 26 عاماً: "هل نحن أمام البحث عن الأمان؟ أم هي العودة إلى زمن الحرب التي عشناها في سنّ الطفولة، أيام الحرب العالمية الثانية؟". اختارت لوحة قريبة من طفولتها. عنوانها: "البحث عن الأمان". تكمل قصتها: "هربنا من البيت عندما حضرت الطائرات الفرنسية". الكبيرة لور غريب تنتقل بفضل لوحتها إلى تلك الأيام. بهلوانيات ومواجهات ضارية مع الأعداء. ركض ببطء صوب أيام أجمل. أقدام تتقدّم مُتعثرة، تتمايل على إيقاع الخوف. سُرعان ما تستيقظ وتفهم أن ما تراه اليوم ليس والدتها وشقيقها، في نهاية الحرب العالمية الثانية، "ونحن نهرب من منزلنا في دير القمر. أتحدث عن أيام بعيدة. وشقيقي الصغير توفي منذ سنوات عدة". حُرمت من الأمان "وهشلنا في البراري. تعلّقنا بفستان أمنا. توزّعنا اليوم بين أموان وقلة من الأحياء. كي لا نقول أبطال".
 
اليوم مات الجميع وبقيت لور. في اللوحة، "هذه الأم هي أنا". حفيدها يمسك بيدها. "عمري 89 عاماً". حفيدها يودّع الحضارة بالتمسّك بطابته التي ترمز إلى الحرية. الحكاية مستمرة. "نحن أبناء اللعنة المستمرة في تاريخنا". هذه المسكينة الهاربة في البراري من دون الإيمان بأنها ستستريح، هي "أنا وأمي وجدتي وحفيدتي في مسار هذه اللعنة التي تُلاحقنا من مئات السنين". لور ولدت في دير القمر من "أب ترعرع في بعقلين وأم ولدت وترعرعت في دير القمر". هل تجد هذه التائهة، الهائمة على وجهها في اللوحة طريق الخلاص، أم ينتهي بها المسار في سلة المُهملات هي وطفلها؟
"لا أجرؤ على الإجابة".
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم