المقصورة الأخيرة في القطار

نُشِرت هذه القصة القصيرة في مجلة "روز اليوسف" المصرية وفي "المدينة السعودية" وفي عدة مواقع إلكترونية. قصة تؤسس لمقاربة تربوية بليغة في العلاقة بين الأهل والأولاد. وفي النظرة إلى الحياة من منظارين: نعطي أولادنا الثقة بالنفس ونطلقهم في الحياة. ولكننا نخاف عليهم ونحس أننا يجب أن نبقى في المقصورة الأخيرة طيلة وجودنا في الحياة كشبكة أمان ومصدر طمأنينة. نسبت هذه القصة إلى كاتب فرنسي مجهول وبعضهم نسبها إلى الروسي دوستويوفسكي وثمة من ذهب إلى أنها من التراث العالمي. بعد التحقق لم يتبين أنها من قصص دوستويوفسكي المنشورة والأرجح أنها من التراث الأوروبي العالمي.

مقتطف عن "المقصورة الأخيرة في القطار"

كلّ عام كان والدا الطفل مارتان يصطحبانه في القطار عند جدته ليقضي عطلة الصيف. يتركونه ويعودون في اليوم التالي. وفي إحدى الأعوام قال لهما: "أصبحت كبيرا الآن... ماذا لو ذهبت وحدي إلى جدتي هذا العام؟ وافق الوالدان بعد لأي... وفي اليوم المحدد رافقا إبنهما إلى رصيف المحطة وهما يكرران عليه بعض الوصايا... وهو يتململ ويتأفف.

سمعت ذلك منكما ألف مرة. وقبل أن ينطلق القطار بلحظة إقترب منه والده وهمس في أذنه: "خذ هذا لك إذا ما شعرت بالخوف أو المرض أو الضعف" ودس شيئاً بجيب طفله. جلس الطفل وحيداً في القطار دون أهله للمرة الأولى في حياته. شاهد المناظر الطبيعية من نافذة القطار وبدأ يسمع ضجيج الناس الغرباء تعلو من حوله وبدأوا يدخلون ويخرجون إلى مقصورته ولا ينتبهون لوجوده. حتى مراقب القطار تعجب ووجه له بعض الأسئلة حول لكونه دون رفقة. حتى أن امرأة رمقته بنظرة حزينة. إرتبك مارتان وشعر أن الأمور ليست على ما يرام. إجتاحه الخوف فتقوقع في كرسيه وإغرورقت عيناه بالدموع. في تلك اللحظة تذكر همس أبيه أنه دس له شيئا في جيبه لمثل هذه اللحظة. فتش في جيبه بيد مرتجفة وعثر على الورقة الصغيرة وفتحها :" يا ولدي أنا في المقصورة الأخيرة في القطار".