السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ألبير شرفان راهباً منذ تسعة وخمسين نيساناً...

المصدر: "النهار"
الراهب ألبير شرفان.
الراهب ألبير شرفان.
A+ A-
 
ربيعة أبي فاضل

وُلدَ في الحدت، 22 كانون الأوّل 1935، وكان قدّاسه الأوّل، في روما، في 9 نيسان، 1962، واختفى أثره، في دير القلعة، بيت مري، في 13 تشرين الأول 1990، أي منذ إحدى وثلاثين، وكان معه أخوه الراهب سليمان نجيب أبو خليل.

معلّمي ألبير سليم شرفان اللاهوتي، الموسيقي، الفيلسوف، الشاعر، الفنّان الراقي، المرهَف الحسّ، الودود، المتصوّف العرفانيّ، صاحب الإيقاع الروحيّ المتفرّد، عَرَفَ كيف يتذوّق ألحان العبقريّ بولس الأشقر، معلّم عاصي ومنصور، وتذوّق المزامير التي أنعشت الأجيال، وأحيت الحقّ والجمال في النفوس، وأعادت الفرح والرجاء إلى القلوب.
 
ولم يكتفِ بذلك بل أدرك أنّه من أهل الإبداع وليس الاتّباع، ومن النفوس التي تستلهم الروح الخالق، وحياة الفضاء، من كواكب، وشموس، وأقمار، فانحنى على أناشيدَ وترانيمَ، ومزاميرَ، أعاد بناءَها، ومنحها أبعادًا وأعماقًا جديدة. فتغنّى بالله ونِعَمه، وبالعذراء وبهاءِ روحِها، وعبّر عن ظمئه الدّائم إلى المسيح، روح الله.
 

لقد أُعطيتُ فرصة نادرة، وهي أن أكونَ منشدًا في جوقته، وقريبًا من وجده، ووجدانه، وهو علّمني، بشخصه اللطيف، وتميّزه، ومزاجه، وشغفه بالفنون، وبروحانيّته، وشاعريّته، أَلّا أكون عاديًّا، باردًا، وأن أتيقّن من أنّي مختلف، ولا أسير تحت سلطة العادة والتقليد... فلا أتكرّر، ولا أبالي بالقليل من الخيبات، في دنيا البهجة، والأمل، والحبّ... وعرفت أنّي مرتبط أبدًا بما هو غريب، ومختلف، ومدهش، ورائع، وحيّ، وعذبٌ، ولو في مناخ العذاب.
 
معلّمي الراهب ألبير، أتذكّره، بعد خمسين سنة على كهنوته، وأُناجي روحه كي تصلّي للكنيسة، وللبنان وبنيه كلّهم... وبعد ستّ وثمانين سنة على ولادته، أستحضر إيمانه الصّافي ويقينه، ونبله، وأستعيد قوله للتّأمّل: "وفي ساعات الهبوط، وعدم الاستقرار، وليل الحياة، كان يثبّتني، ويُنير الممرّات الموحشة، ويدعوني إلى موعد الحبّ، لأنّه النور الآتي إلى العالم، والطريق إلى الحقّ والحياة!" سلام، يا نايًا من حنان، ويا قلبًا من زهر، وبخور، ونور... سلام إلى ألحان لا تزول، وإلى حياة لا تحول. من أرض فيرجيل عدت مع الطيور المهاجرة إلى جبل الأرز، والغابة وسكّانها لن يكفّوا عن الغناء، وعن الوفاء، وعن إحياء كلّ هذا الجمال الذي لا يذوي رواقه...

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم