الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

اليقين في افتضاح السرّ

المصدر: "النهار"
الشكّ واليقين (تعبيرية- بسيم الريس).
الشكّ واليقين (تعبيرية- بسيم الريس).
A+ A-
 
عبد المجيد محمد خلف- روائي وناقد، سوريا
 

في افتضاح السرّ حين يبلغ الجميع، حين لم يعد ينفع الكتمان على مائدة الكلام الذي يجري كل مذهب، وتصبح الحقيقة بدّاً لا مناص منها، يرتعي وحده خائباً كظلّ يتوارى خجلاً أمام فجر يحمل كل دروعه وأسلحته، ليطأ بأقدامه المضرجة بدم الماضي أرض الخفاء، ويبقى الجسد وحده في ارتعاش أبديّ، أمام صرخة أبدية تفتضح حقيقة الكائن المنهوبة خزائن صمته حتى العدم، ويبقى اليقين سيّد الشمس متباهياً بنفسه عند هزيمة الظلام في ليلة صعدت ذات يوم صدر ذلك اليوم، وتلت أناشيد انتصارها.
 
يقين أنا. أسطّر كل الجهات. لغة أمتدح العدم في غفلة منه ليظهر كل شيء في حضرة انقلاب ربيعيّ يحدث مرة واحدة كل سنة، فتمتدح معه الفصول كلها مطلقة خيولها الناتحة راكضة عبر اتجاهات تأكل نفسها خوفاً من يقين بات وشيكاً على الوصول، ليعلن ميلاد النسيان، ميلاد الشفق، ويرحل الأنين مع مقابره الجماعية إلى غير رجعة.
 
افتح الباب ليصل. لا تغلق رتاجاته الألف. فأمامك، وبي، أو بك، وبنا جميعا، سيصل، سيتمكن من غلبة دهر عبوس سطا بمتاريسه على كل زاوية في ظلال هذه الروح البائسة، رفع راية النصر زمناً يساوي حجم ذاك الدهر الخرف، ذي الحقيقة الواحدة...
 
افتح الباب ليصل. افتح الباب ليدخل، ويعلن بكل ما فيه من شقاء عريس، وجنونه ليلة زفافه.افتح الباب ليملأ الفراش صراخاً وهياجاً حتى الخيط الأحمر من صعود شمس نحو أرض وجمت كل تلك السنين.
 
سيصل ويعلن النهار هكذا، من دون مقدمات. سيد الراهن، سيد الأماكن، سيد كل الانقلابات، وسيد دماء لما تجفّ بعد، بي، أو بك، لا يهم، سيكتم الصمت للأبد، ويرسم بريشة من نار لوحةً في حلبة الرقص الأبدية نحو أرض التجلي، لتذهب بعيداً كل تلك الروائح التي سكنت صدورنا يوما ما. نتنٌ كانت. صدأ. وسراديب تكدست فيها جثث القتلى.
 
افتح الباب، فاليقين في كل شيء، في الزمان، في المكان، في عينيك، تحت ثدييك العاريين من كل شيء إلا منه. بي، وبك، سيمتلك العزلة، ويمتدح النهار، ليبقى نور الشمس وحده يرتع سكران في صراخه المعبود.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم