فلتبارككِ الحرّيّة وإلى سنين طويلة يا ستّ فيروز

اليوم 21، وربّما أمس 20، هو عيد ميلاد فيروز.
 
كلّ سنة، وأنتِ مضفورة بالعمر الطويل، يا ستّ الستّات، يا ستّ فيروز.
 
وليبارككِ في هذا اليوم، في هذا الحادي والعشرين من تشرين الثاني 2021، أو في يوم أمس، في العشرين منه، شجرُ الزيتون، والخضير، وموسم الزيت، والمَعاصر، وأحجار الرحى، والأيقونات التي تعشق ضوء القناديل. 
 
فلتبقَ حبّة الزيتون، الراهبة، المتقشّفة، الناسكة، القدّيسة، والطيّبة؛ فلتبقَ وليمة مائدتكِ الموعودة، صبحَ مساء، وإلى سنين طويلة.
 
وليبارككِ صحن الصعتر. والزوباع. واللبنة المكعزلة المغموسة. وفخّارة البيض البلديّ. وورقة الشاي. والنعناع. والبابونج. والزوفى. والناردين. وفنجان القهوة بالقشوة. والركوة النحاس. 
 
وليكن الغيم الأبيض مُطلًّا على مُحيّاكِ، حاملًا معه فستان الشمس الخجول، وزخّات الشتوة الأولى، ثمّ الشتوة الثانية، متسلّقًا شرفتكِ، مسلِّما على الحبقة المغناجة، وعلى ما طار من عطورها الشبِقة، ناقرًا على الشبّاك، على النافذة، على الزجاج، سائلًا الستائر أنْ تفتح له من أجل أنْ يقول لكِ happy birthday.
 
نهارك سعيد، هذا النهار. وكلّ نهار، يا ستّ الستّات، يا ستّ فيروز. 
 
حيث أنتِ، وفي كلّ مكان. وفي البال. وفي الخيال. وفي الواقع. وفي كلّ وقت.
 
وليكنْ عيدكِ هو العيد، وبيروت العيد، ولبنان العيد.
 
ولتبارككِ النساء. وليبارككِ الرجال. والأطفال. والشبّان. والشابّات. والحالمون. واليائسون. والمحبطون. والناظرون في الأفق، في الأمل، وفي العدم. ومعهم والمرضى. والجياع. والتائهون. والمشرّدون. ومَن لا سقف له تحت هذه السماء. 
 
 
كوني مبارَكةً من الأنقياء الفقراء الطيّبة قلوبهم، ومن كلّ الذين واللواتي يحبّون الحياة، ويريدون الحياة. 
 
وليبارككِ العشّاق. من كلّ الأعمار. والشيوخ. والعجائز. والأراجيح. والفراشات. وقفير النحل. ومراطبين العسل. وشجر الزنزلخت الذي لا تزال أغصانه تتعرّى، هو الذي تظلّ أوراقه تُذهِّب الأرض، وتجعل ترابها ذهبًا خالصًا عيار 24.
 
وليبارككِ الشعراء. والشاعرات. والكتّاب. والكاتبات. والموسيقيّون. والرسّامون. والنحّاتون. والممثّلون. والمخرجون. والسينمائيّون. وكلّ مَن ترقص، ويرقص الرقص الحديث، والرقص القديم، والرترو، والسامبا. والروك أندرول. والدبكة. والسْلُو. والتانغو. 
 
وليهتف لكِ الديك الذي يقف فوق القنّ، وهو منتفض العرف، وليعزف الموسيقى من أجلكِ، صائحًا: صباح الخير، يا ستّ فيروز. ومُعيدًا العزف. كأنّه لم يعزف من قبل. ولم يَصٍحْ. ولم يوقظ النيام. ولم يقلْ صباح الخير لأحد.
 
ولتفرح بكِ الأرض. ولتُسَرّ. باعتبارها أنشودة، وأغنية، وموسيقى، والأوركسترا. فأنتِ تشبهينها. وهي تشبهكِ. فأنتما شقيقتان في الخير، في البوح، في الكتمان، في الضيق، في البحبوحة، في الكرم، في الازهرار، في الخجل، في الزهو، في الحزن، في الغبطة، في الوجع، في الرنوّ، في الانتباه، في الشرود، في التصوّف، في الانخطاف، وفي الامّحاء. 
 
ولتصهل لكِ الخيول، وحمحماتها. ولينحنِ لكِ هذا الليل، وليُحنِ هامته في عيدكِ، وليكرّمكِ بضوء القمر، وسهر النجوم.
 
وليهطل المطر من أجلكِ، والعيد، مدرارًا، ولتتفجّر الينابيع، ولتتفتّح شفاهها، ولتُسيَّل لكِ مياه الأنهر، وليعبر الخير على اسمكِ، الآن في هذا اليوم، يوم عيدكِ، وربّما يوم أمس، وإلى أبد الآبدين آمين.
 
ولتبارككِ الحرّيّة، وأرز لبنان، وجبل المكمل، وثلج حرمون، وشوارع القدس العتيقة، وجبل الزيتون في فلسطين، وبلاد الشام، وأرض الرافدين، وسائر أهل العربيّة أجمعين.
 
ولندقّ الأجراس في عيدكِ. وإلى سنين طويلة، يا ستّ الستّات، يا ستّ فيروز.
 
akl.awit@annahar.com.lb