"مسرح شغل البيت": أعمال نسوية بوجه مجتمع ذكوري (صور وفيديو)

مرة جديدة، نحن على موعد مع تجارب مسرحية، في فرن الشباك، وفي بيت ضمن عمارة قديمة. في عام 2016، حوّل المخرج شادي الهبر البيت إلى مسرح "شغل البيت" لغايتين: الأولى أن يكون "مختبراً" لإعداد ناشئة في المسرح، والثانية لتنظيم ورش عمل تثقيفية توجيهية عن المسرح ومتفرعاته، في مراحل مختلفة، تكون رسوم المشاركة فيها مرتكزاً لتمويل أعمال مسرحية عدّة تتّسم بديكور متواضع، ونصّ يتضمّن قضيّة من وحي حياتنا...

في الحقيقة، يثير مسرح "شغل البيت" اهتمام المشاهد لسببين: الأول أنّه مسرح نسويّ، أي معنيّ بقضايا المرأة، مثلما هي الحال مع "دفاتر لميا"، التي تُعرض حالياً على مسرح مونو، وصولاً إلى مسرحية "الحجرة" وسواها، على طريق رفع صوت المرأة. يجري ذلك بفضل الإرادة الصلبة التي يُطلق بها 
مؤسّس مسرح "شغل البيت"، المخرج شادي الهبر، مشروعه، وهو الذي تجرّأ على أن يحلم في هذا الزمن الصّعب ومن قبل هذا الزمن؛ والثاني أن الهبر نظّم مع زميلته مايا سبعلي سلسلة ورش تدريبية، تُقارب بمحتواها وبكوادر التدريس المحترفة جوانبَ عدّةً متعلّقة بعالم المسرح، منها في الكتابة المسرحيّة...

يُثير انتباهك شادي الهبر، الرجل المناهض للمجتمع الذكوريّ، في منطق كلامه مع " النهار"، فضلاً عن أنّه ترجم هذا الالتزام الأخلاقيّ في العروض المسرحيّة التي يشرف على إخراجها، مع ملاحظة مهمّة أن العروض تتّسم ببساطة الديكور المنوط بالتكاليف المحدودة للعمل المسرحي، فضلاً عن أهميّة مضمون القصّة المثارة على الخشبة.
 
ذاكرة المسرح
 

من هو هذا الرجل المناهض للذكورية؟ يجيبك مؤسس المسرح شادي الهبر بثقة أن بعض التصرفات الذكورية في محيطه طبعته منذ صغره، وحفرت أثرها في ذاكرته لتشكّل إحدى أولويات مسرحه.

لكن انجرافه الطوعي في صقل مهاراته المسرحية كان على يد المعلم منير أبو دبس. ويشير لـ"النهار" إلى أنه ينتمي فعلياً إلى الجيل ما قبل الأخير من طلابٍ حظوا بفرصة استثنائية لدراسة المسرح بإشراف المعلم منير أبو دبس...
قال: "كان لي فرصة التمثيل في مسرحية "أنكل فانيا" مع المعلم منير أبو دبس في عرض أحييناه في منزله في الفريكة. أديت فيها دور رجل مسنّ، ممّا فرض عليّ أن أهتمّ بتربية لحية تتناسب مع دوري هذا...".

وصف الهبر مزايا أبو دبس المعلّم مثنياً على تمسّكه بالدّقة في العمل، وفيضه بالعطاء على طلابه. قال: "تعرّفت من خلاله على أصول المسرح في لبنان. يضاف إلى ذلك أنه حمل خبرته المخضرمة إلى فرنسا، التي أسس فيها أبو دبس مدرسة خاصّة رائدة، شكّلت نقطة تلاقٍ لمتخرّجين كثرٍ في معهد الفنون الجميلة في فرنسا".
 
في رصيد الهبر، وفقاً لما قاله لنا، 36 مسرحية، منها خاصة بتخرّج طلاب ومسرحيات محترفة أخرى، منها على سبيل المثال لا الحصر مسرحية "ألفت"، التي تثير حقّ الأم في الحصول على حضانة أولادها، وصولاً إلى مسرحية "درج"، التي تطرح واقع مواجهة الحبّ بل ضياعه في زمن تحكمه الفوضى، ومسرحية "أفيون" التي تقارب علاقة الإنسان بعمله".

حصص متنوعة
 
 
 
انتقل في حديثه إلى مرحلة إعداد الممثّلين في ورش عمل من مستويين، على غرار تنظيم ورش تدريبية من متخصصين في علم المسرح بكلّ جوانبه، لإعطاء حصص متنوّعة منها لكلّ من الدكتور ديمتري مكي عن الكتابة المسرحية وتاريخ المسرح، ولرودي فليعاني عن الصوت، الركّة والحكواتي، مروراً به شخصياً عن الإخراج وتأهيل الممثل، مشيراً إلى أنه "يقدم المنتسب إلى المستوى الثاني أولى تجاربه في مسرحية من إنتاج مسرح شغل البيت...".

شدّد على أنه "سبق أن نظّمنا مثلاً ورشاً خاصّة عن الكتابة المسرحيّة لنساعد على منح المشاركين راحة نفسيّة، إضافة إلى ورشة عمل بعنوان "أنا بحسّ" تساهم باكتشاف المشاعر وتكريمها...".

ختاماً، وعد الهبر بعرض مسرحي بعنوان "ضاع شادي"، فيه قصص جريئة عن الحرب، أو ربّما عن كلّ واحد منّا، لافتاً إلى أنه لبّى دعوة إلى مهرجان الشارقة المسرحيّ ليتحدّث "عن مسرح شغل البيت، الذي أثار انتباه منظّمي المهرجان، وأدّى إلى دعوتي للحديث عن تجرية وصفت في فعالياته بالاستثنائية...".
 

rosette.fadel@annahar.com.lb
Twitter:@rosettefadel