يوماً ما

محمّد حمصي- حلب

أعرف تاريخ هذا اليوم
...

وأعرف يوم مولدي،

ويوماً ما...

ستعرفون موعد موتي، ولن أعرفه.

ويوماً ما...

سآخذ معي، كلّ الكلاب الضالة

وكلّ الطغاة...

وسأترك لكم وشوشات الصغار، وكفوف البنات.

يوماً ما...

سأحرق معلّقة ابن كلثوم ، وأنفخ رمادها

على بندقية... تُلقم بالعصافير

وتصطاد تسابيح الأمهات.

يوماً ما...

سأخلع كلّ الأبواب

لأصنع تابوتاً يتّسع لهذا الموت...

وسأضحك على زوّارٍ، لن يعرفوا مدخل الحياة،

لأنّهم عاشوا على الشرفات،

لأنّهم خافوا صفع الجدران، حتّى انهارت عليهم.

يوماً ما...

لن آخذ حصّتي من الخبز، ولن أقول " أحبّكِ "

سأبكي مع كلّ حجرة، ضمّت زلزالها

وأكملت مشهد هذا الخراب،

حتّى صار إنساناً.

سأتذكّر كلّ شيء

حتّى أصير غباراً، أعلّم الرياح الهرب

وأخنق غربة تسكن البيوت.

سأطوف حول بيتكِ

حتّى أصير وردة، أنبت في كفّكِ

ولا أذبل أبداً.

يوماً ما...

سأرحل، وسأهدي اللّه ممحاة

علّه يمسح اللون الرماديّ من هذا الكون...

اللون الذي جعل قلبي معلّقا بين عناق وفراق...

والذي جعل كفّ أبي واقفة في الهواء

والذي بدّل موعد الربيع بالخريف،

والذي سرق علبة الألوان، من جيب هذا العالم

وجعله أشيب...

والّذي ثقب قلب صبيّ، ترك بالوناته للريح

وراح يمدّ جسمه، نعشاً لجموحه.

يوماً ما...

سنعترف للموت

أنّنا خذلناه

حين صدّقنا الحياة...