الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

الصحة في المكتب... ما يجب أن يعرفه الموظفون!

المصدر: "النهار"
تعبيرية.
تعبيرية.
A+ A-
ياسمين زين الدين وميرا الظريف (متخصصتان في علم الصحة العامة – الصحة المهنية والبيئية)
 
بذل الإنسان جهداً، عبر العصور، ليجعل حياته أسهل وأكثر مرونة وسلاسة بشكل عام، ووظيفته نالت القسط الأوفر بشكل خاص في لائحة اهتماماته، إذ كانت الوظائف والمهن، في السّابق، تعتمد أساساً على الجهد الجسدي الكبير، فتحوّلت لتصبح أقلّ ضغطاً على الجسد، وأكثر راحة له بحيث لا يحتاج العامل إلى الكثير من الجهد الجسديّ لأداء المطلوب منه، ولكن ما لم يلاحظه الإنسان، إلّا في وقتٍ متأخّرٍ، أن راحة الجسد لم تكن نتائجها إيجابيّةً عليه وعلى صحّته بل جاءت سلبيّة، وأدّت في أحيانٍ كثيرة إلى مضاعفاتٍ خطيرة.
 
كان العاملون قديماً، يقضون وقتهم يرفعون أثقالاً كعاملي البناء أو يقومون بحركات تتطلّب الكثير من القوّة كالحطّابين والفلّاحين... ويبذلون جهداً جسديّاً كبيراً أثناء القيام بوظائفهم وأعمالهم وذلك لساعاتٍ طويلة، يوميّاً.
 
وفي الوقتِ الّذي أصبح العمل فيه أسهل، بسبب إمكانيّة إنجازه بمساعدة الحاسوب وبالاعتماد على التسهيلات الّتي وفّرتها التكنولوجيا، تحوّلت أكثر الوظائف والمهن من أعمال تعتمد على الجهد الجسدي إلى وظيفةٍ تحتاجُ الجهد العقلي وتزيد الضّغط النّفسيّ وظلّ الجسد ضحيّة ذلك.
 
يعمل الموظف حوالى أربعين ساعة أسبوعياً أي ما يعادل عشرَ سنوات تقريباً و12% من حياته، وكما نعلم، تتطلّب الوظائف المكتبية الجلوس لفترات طويلة، الأمر الذي بينت الأبحاث أنه ساهم بشكل كبير بالشّعور بالإرهاق الدّائم بنسبة 73.6% وزيادة تصل نسبتها أحياناً إلى 90% في إمكانيّة واحتمال الإصابة بالسكري وأمراض القلب. بالإضافة إلى ذلك، أثرت سلباً قلة الحركة على الصحة النفسية لدى الموظفين الأمر الّذي أدى إلى ارتفاع كبير في نسب المصابين بالاكتئاب الشديد، والقلق، والضيق النفسي نتيجة التوتّر الدائم والضغط النفسيّ الذي يعانيه العامل في الوظيفة المكتبية.
 
وتؤكد الدراسات والأبحاث ما ذكر سابقاً. فقد بيّن المعهد الوطني للسلامة والصحة المهنية (NIOSH) أن قُرابةَ نصف موظفي المكاتب يشعرون بآلام في الظهر الأمر الّذي يصيبهم بالتوتر والغضب إزاء ذلك، كما يصابون بأمراض عضلية هيكلية وآلام جسدية أخرى، ورغم أن الوظائف المكتبية هي من الوظائف الأقل خطورة من حيث الحوادث الّتي قد يتعرّض لها الموظّفون لكنّ مخاطرها تبقى ذات تأثير كبير على صحّة الإنسان التي يجب أن تكون الأولى في سلّم أولويّاته في الحياة.
 
بعض الأمراض شديدة الخطورة، إلا أن تجنّبها ممكن من خلال اتّباع خطوات بسيطة. فقد أشارت أبحاث بريطانية إلى أنّ الجلوس لفترات طويلة دون حركة يعتبر خطراً على الصحة ويمكن الوقاية منه بالقيام بنشاطٍ بدنيٍّ معتدل إلى قويّ يستمرّ من 60-75 دقيقة يوميّاً. إضافة إلى ذلك يجب كسر فترات الجلوس لفترات طويلة عبر دقيقتين إلى خمس دقائق من اللياقة البدنية الخفيفة أو متوسطة الشّدّة مقابل كل عشرين إلى ثلاثين دقيقة جلوس، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض كبير في مستويات السكر في الدم التي تصل إلى ذروتها بعد الأكل، كما أنّ تناوب الجلوس والوقوف كل نصف ساعة في ثماني ساعات عمل، كل يوم، يؤدّي إلى انخفاض في معدّل السكر في الدم ويخفّف الشّعور بالتعب وقلة الراحة في الجهاز العضلي الهيكلي ويجنّب الموظّف أوجاع أسفل الظهر... وقد ظهرت النتائج بعد خمسة أيام من تطبيق الخطوات المذكورة سابقاً.
 
لكن، وقبل القيام بالحركات الرياضية الملائمة، يجب على الموظفين تعديل طريقة جلوسهم لتتناسب مع أجسادهم، ولذلك يجب أوّلا اختيار كرسي يدعم منحنيات العمود الفقري، وثانياً، ضبط ارتفاع المقعد بحيث تستقر القدمين بشكل مسطح على الأرض أو على متكأٍ للسّاقين حيث يكون الفخذان موازيين للأرض، بعد ذلك، يجب ضبط مسندَي الذراعين بحيث تستقر الذراعان عليهما برفق مع استرخاء الكتفين، وعند الكتابة أو استخدام الفأرة على الموظف المحافظة على معصميه مستقيمين وذراعيه بالقرب من جسمه، واليدين عند مستوى المرفقين أو أقل منهما قليلاً. على الموظف أيضاً وضع الشاشة أمامه مباشرة على بعد ذراع تقريباً، ويجب أن يكون الجزء العلوي من الشاشة عند مستوى العين أو أقل منه بقليل ويمكن خفضها 1 إلى 2 بوصة إضافية في حال ارتداء النظارات لراحة أكثر. كما يجب أن يكون موقع الشاشة بحيث يكون مصدر الضوء الأكثر سطوعا - مثلا: النّافذة - إلى الجانب.
 
أمّا اليوم، ورغم وجود العديد من الوظائف المختلفة المتطلبات إلّا أنّ الوظائف المكتبية تبقى الأكثر انتشاراً وشيوعاً، وتأمين بيئة عمل ملائمة تعني حماية عدد أكبر من العمال من المخاطر المهنية التي يمكن مواجهتها.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم