السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

جدليّة اللون والخطوط في رسومات هيلين الخال "الغاضبة" وجان خليفة "المتمرّد"

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل @rosettefadel
لوحة لهيلين الخال.
لوحة لهيلين الخال.
A+ A-
في يوميّات هذا الوطن المقهور، يطلّ معرض تكريمي لهامتين من الفنّ الحديث هما هيلين الخال وجان خليفة في ذكرى مرور 100 عام على ولادتهما، في معرض تكريمي نظّمه الطبيب أنطوان كرم في قاعة كلية الفنون الجميلة، في حرم الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت.

لو كنّا في بلد يحترم عمالقته، لكان على الوطن وحكامه ومثقّفيه أن يقيموا النشاطات والمعارض لإحياء ذكرى مرور 100 عام على ولادة هيلين الخال وجان خليفة.
 


لكنّ الميل الفرديّ عند المواطن اللبناني الرافض بشراسة أن يعترف بجميل الآخر عليه، أي جميل كلّ من هيلين الخال، التي خرقت الأنماط العادية في رسمها معطية للّون روحاً متفاعلاً مع ذاته ومحيطه، وجان خليفة، الذي حرّك المياه الراقدة في أعماله مجسداً "الأشكال" من سكونها، جعل هذه المناسبة عادية متى قارنّاها مع خطاب سياسي أو تصريح رئيس ميليشيا أورث نفوذه الى ابنه بحكم ملكية المقعد، ليثرثر على مسامعنا كلاماً فضفاضاً دون معنى أو فائدة قائمَين على وعود سائبة دون أيّ غد واعد.

المعرض، الذي يستمرّ الى 20 من الشهر الجاري يومياً من الساعة 12،00 الى الساعة 6،00 مساء، هو لوحات تلخّص بعض محطات من مسيرة غير اعتيادية لكلّ من الخال وخليفة.
 


رغم أنّ المعرض تثقيفي الأبعاد للجيل الجامعي في الجامعة، فإنّ المعارض السابقة المنطوية في هذا الإطار تحتاج كما هذا المعرض الى مقاربة جديدة لها، إن من ناحية تنظيم محاضرة يشارك فيها طلاب الفنّ والإعلام أو من ناحية تشجيع الجيل الجامعي على تحضير بحوث توضع في الصدارة، ليكونوا على دراية بمحطات مفصلية خطّها روّاد أمثال هيلين الخال وجان خليفة.
 


 
لم يكن هذا المعرض ممكناً لولا جهود الفنان التشكيلي جوزف فالوغي، الذي عرض فكر ة تكريم كل من الخال وخليفة لمناسبة مئؤية ولادتهما وذلك من خلال تنظيم هذا المعرض الاستثنائي، إضافة الى بذل مساعيه لجمع هذه اللوحات ولاسيما من خلال عرضه لمجموعته الخاصة العائدة للفنانين الكبيرين. 
 
معظم مالكي المجموعات المعروضة لبوا دعوة فالوغي للمشاركة في هذا المعرض لتكريم كل من هيلين الخال و جان خليفة في عيد ميلادهما المئة أو محاولة إنصافهما.

مجموعة جان خليفة المعروضة من 12 عملاً منها 6 من مجموعة خاصّة تعود لابنه جيم، الذي يصف والده بالفنّان الاختباري و المتميّز، بمسيرة من خمس مراحل تطويرية ومفصلية في علاقته مع الريشة.
رسمتان "أوتوبورتريه" في المعرض. الأولى، وفقاً لجيم خليفة، هي لوحته الأولى الكلاسيكية الجذور من توقيعه في العام 1949، كأنّها محطّة أساسيّة من بداياته.

الرسم والموج
 
 

الرسام هو كالموج يتفاعل مع فكره، مع أحاسيسه التي أوجدها في "أوتوبورتريه" آخر من توقيعه في العام 1974، تجريديّ شكّل في حدّ ذاته قفزة غير اعتياديّة في زمن ستينات القرن الماضي.
اللوحات الأربع من المجموعة الخاصّة بالعائلة، خلع فيها خليفة النمط الكلاسيكيّ لينتقل الى ضفّة أخرى.

في الرصيد، لوحة كبيرة مرسومة على قماش تسكنها امرأة "عارية تقرأ"، وقربها وردة تلازمها في سكون محاط بلون فيروزيّ، كأنّها بوح بوجود الأنثى، بالتوق الى الحريّة، والتصالح مع الجسد واكتشاف جماله من خلال العري.

كشف خليفة في لوحة "الرغبة" المستور عن مشاعرنا، لحظات وجودنا في فردوس الرغبة في لوحة تجريديّة أخرى.
 

الألوان تفرض هيمنتها على أعماله. تفتّش طريقها عبر النمط التجريديّ، في تناقضها وعفويّتها الشرسة بقع خضراء في موجة خطوط سوداء بلفتة زهريّة قويّة تقارب من خلالها جرأة كانت مسار أخذ وردّ في ستينات القرن الماضي.

العري الجميل
تعرج على لوحة من مجموعة خاصّة للنحات إبراهيم زود مشاركة في المعرض، يرسم فيها خليفة رفيق دربه في الرسم شفيق عبود، الذي بدا محدّقاً إلينا كأنّه يتابع مآسينا، وخوفنا من الآتي.

أمّا المجموعة الخاصّة من 5 لوحات فهي تحاكي المرأة العارية من كلّ شيء إلّا من جمالها وشرفها، حاملة قربها قنّينة فارغة تحرّرها من ملل الأحكام المسبقة والصور النمطيّة.

روح اللون
 

لهيلين الخال روح اللون. ذكر القيّم على المعرض الدكتور أنطوان كرم أنّها رائدة من روّاد الفنّ التشكيليّ، واصفاً إيّاها بالأنثى الصلبة بتجاربها، التي سخّرت اللون فجعلته أبجدية للتعاطي مع الآخر.

12 لوحة لهيلين الخال هادئة بسيطة التكوين غالبيتها بدون عنوان، تبحث عن عالم التأمّل والصمت، أو حتّى قد تكون بالنسبة إلى البعض وسيلة لإنقاذ الوعي بواسطة اللون ودرجاته، في محاولة للخروج من قمقم الأفكار.

تموّجات اللون الأحمر بأمواج متمايلة بصخب يشبه حالنا. حال هذا الغضب القابع في اللاوعي. تترك هيلين الخال كلّ واحد يتفاعل مع تدرّج هذا اللون الساخن بتموّجاته، التي يمكن أن تعكس الشوق أو الغضب أو الاثنين معاً.

الأنثى واللاوعي
 

أعمال هيلين الخال هي مساحات في اللاوعي وأشكال هندسيّة بألوان شفّافة مثيرة للجدل بين الخطّ واللون.

المعادلة بسيطة في رسومات الخال. اللون يحتلّ مساحة "مزهريّة الورود" بلمسة أكليريكيّة تحاكي الألوان بطابع خارج عن المألوف، معبّرة عن أحاسيس عميقة لا تحطّ من اللون أو الشكل التقليديّ للوردة، بل تضجّ بالانفعالات.

عندما تقف أمام هذه اللوحات، ترى ملامح الأنثى بطهرها جالسة عارية ظهرها الى الجمهور، من خلال لوحة "مريم الناصعة البياض". هي عمل يعبّر عن أحاسيس نبيلة تدهش العين. يحرّك المشهد داخل الإنسان بفائض الروح التي تتناغم مع اللون الأبيض في الإضاءة على النزعة الأنثويّة عند هيلين الخال.
 


تتداخل الطبيعة، والأمومة وتمرّد اللون الأنثويّ في تجارب اللوحة، في خطاب مليء بالخصوبة في لوحات تتحدّى لون الشمس ومغيبه وإشراقه.


[email protected]

Twitter:@rosettefadel


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم