الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لور غريّب بالفن والفطرة والعبث كشفت عن قوة الكائن فيها: زخارف من فانتازيا الاحلام

المصدر: "النهار"
Bookmark
لور غريّب.
لور غريّب.
A+ A-
مهى سلطانمن كان يظن أن لور غريّب (1931- 2023) ستتركنا في هذا المنعطف المظلم من حياتنا وترحل الى حيث النور والسلام، بعيداً من مرارة الألم والكآبة. هي التي ملأت أحبارها بياض الورق خشية الفراغ، خشية العَدم، أغمضت عينيها على خيبة أمل بلبنان الوطن الذي لم يتحقق. هي لور الشخصية المحببة الجريئة والصريحة والمشاكسة والمتفردة بفنها ومواقفها ونظرتها العبثية الى الحياة، وطريقة مقاربتها للأشياء من حولها، وسخريتها اللاذعة التي كانت تواجه بها الخيبات والأحداث وآلام الوحدة، وتنعكس على محيّاها بضحكة رنّانة ونكتة بذيئة وسُباب طالع من عمق الغضب، تقوله جهراً على مسامع الأصدقاء والمقربين، وتكتبه إذا لزم الأمر على لسان شخصياتها وفي حواشي رسومها أو متونها وهوامشها، بلغة الشارع الذي تصغي اليه وتعرف نبضه ومعاناته ووجعه. لور الصلبة العنيدة كانت وجهَ الفرحِ المغمور بالطيبة، الطفلة الكبيرة التي لم تغادرها طفولتها، على النحو الذي يتراءى في اعمالها التي تدور في أفلاك جنائن وكائنات وعوالم وصور من نسج مخيلتها، حيث بطلاتها عرائس الأحلام، وزوّار النوم في المساء حين تسطع النجوم على عجائب وأقدار سعيدة لا تتحقق في الحياة، بل في عالم السحر. وأيّ سحرٍ يمكن ان يضاهي قلم لور وهو يمشي ويغزل من تلقائه مساراته المكوكية بين الماضي والحاضر والوعي واللاوعي، والضوء والظلمة، كي ينهل من حكايات الطفولة ويرشف من ينابيعها دون ان يرتوي.  لا مسافة بين الفن والحياة، تلك هي الركيزة التي انطلق منها مسار لور غريّب، تلك الشخصية التي لم تعرف الحركة التشكيلية مثيلاً لتجربتها كرسامة عصامية وشاعرة وصحافية في جريدة "لوجور" العام 1965، ثم في جريدة "النهار" العام 1969، وهي المخضرمة التي خرجت عن تقاليد الرسم المعهودة، لتؤسس لنفسها اتجاهاً فنياً تميزت به عن أقرانها. عاشت ثورة الحداثة في مرحلة العصر الذهبي لبيروت، في كنف كبار الشعراء والفنانين والمثقفين، الذين شكلوا في ذلك الوقت جبهة رفض لكل ما هو تقليدي بحثاً عن الحرية والتّجدد. تأثرت في بداياتها بالفنان سعيد أ. عقل المشجِّع الأول لموهبتها الذي كان يعمل معها في قسم الشؤون الثقافية والفنية في وزارة التربية الوطنية، لتجد نفسها بعد الحرب الأهلية اللبنانية في خضم أسئلة عديدة، ساهمت في ايجاد لغة تعبيرية مستجدة، بعيدة عن الرومانسية الشعرية، واكثر التصاقاً بواقع الحياة اليومية ومجرياتها المأسوية. بين الشعر والفنمنذ الستينات ابتكرت لور عوالمها الغرائبية من فانتازيا الاحلام، والحدس والتلقائية والارتجالات التي تتتبدى خيوطاً من تخاريم رقيقة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم