الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

إيلي لحّود وغابة المستقبل!

المصدر: "النهار"
إيلي لحّود.
إيلي لحّود.
A+ A-
ربيعة أبي فاضل
 
الأوطان كالذّوات تتأمّل في حضورها، ودورها، تنفتح وتنغلق، توسِّع الوجدان، وتعزل أو تأسر الكيان. هذا ما لحظه الكاتب المسرحيّ إيلي لحّود، في كُتيّبه TEENAGE - سيرة 2020. وللدّكتور إيلي لحّود كتاب "تايم أَوت" وهو جولة ذكيّة في النّقد المسرحيّ، وآخر بعنوان "الحائر"، وهو سيرة ذاتيّة مثّلت الشّعور بالغربة عن الوطن وجذوره، والذّات في أبعادها الثّقافيّة والحضاريّة الأصيلة. وفي "تين آج" الصّادر حديثًا، يكمل نسج رؤيته حول الإنسان، والوطن، ومعنى الوجود.
ومَن يعرف هذا المثقّف الحالم، ويقرأ له، ويواكب نشاطه المسرحيّ الفنّي، يجد إلى أيّ حدّ تعني له المسؤوليّة، والهُويّة، والرّوح الوطنيّة. لذلك، في نصوصه جمالُ البيان، والجدّ في النّظرة إلى شؤون المجتمع وشجونه. وفي هذا المقام، آلمته ظاهرات التّهوّر، والارتجال، والاعتباطيّة، والتّبذير، وحبّ السّيطرة، واستجداء الهُتافات والتّصفيق. وبعد تعمّق في فهم المزاج اللّبنانيّ، أسفَ لكون الفرد منّا، أو الجماعة، يجدون السّعادة في الخارج، خارج المكان، وخارج القلب، وخارج الوجدان. كما أوجعته هذه النّزعة العدوانيّة لدى كثيرين!
 
إنّ المظهر الخارجيّ، ورفاهيّة التّكنولوجيا والاختراعات، ليسا هما جوهر الحياة.
 
وانتقد لحّود هذا الانحطاط في السّياسة، وهذا الارتباط بالخارج، ما أَفقد البلاد وحدتها، ومزّق هُويّتها، فراح كلٌّ يبحث عن هُويّته، في جِواء من التّناقضات، والفراغ، وتراخي الضّمير، والصّراع حول سلطة جعلت الوطن مصلوبًا بين لصوص لعبوا بمصيره، وتركوه يتخبّط في أتون ملتهب، ودمّروا مستقبله، وحالوا دون تقدّمه، وترقّيه. وكان السّؤال الأب: "لماذا يبقى وطننا مقعدًا، لا يقوى على النّهوض، على اجتياز المرحلة، على استرجاع قواه وعزيمته؟".
 
إيلي أنطوان لحّود يكتب بنبض أصيل، ثائر بهدوء، وساع للتّغيير. هو في بعض طموحه، يدعمُ نهضة أو يقظة أو انتفاضة ضدّ "عنجهيّة الحكّام"، وازدرائهم شعبهم، ويُهيّئ الجيل الجديد لوعي طبيعة غابة المستقبل القادمة، وجَبْه التّحدّيات، ناصحًا: "لا تيأسوا، لا تخافوا من الغابة الزّاحفة، هي المستقبل، وأنتم أمله". وكرّر مع أُوكتاڨيو پاث، "افتح عينيك"، كأنّه يرى ليلًا طويلًا، أو نَفقًا مديدًا، يحتاجُ إلى جرأة، وصَفاء في الرّؤية، ومحو للحقد، وانتماءٍ حرٍّ صادق إلى وطن اسمه لبنان. صَديقي إيلي أُنموذج في الجدّ والرّقيّ، وواحد من بُناة وطن القيم والجمال، ومُبدعٌ لا يتعب!

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم