الموت الأول لسام العربي

 
علاء زريفة- سوريا
 
 
يغني القتيل فيك لازمة ربما نسيتها 
"حين كنت لي"
فتجيب: كيف صرنا اثنين؟
يا سليل آلهة الرخام
أما كففت عن هذا الوهم؟
حين كان جراد الصيف
يغزو حقولنا البعيدة 
كان لحظ وحيك يأتيني برهة ربيع 
فأشم رائحتك قادمة
مع إشراقة الصعتر البري 
لتنزرع في أديم وجداني 
مواكب من شقائق النعمان. 
إنها قدرية غريبة
أن لا أراك 
وأنت معي. 
 
*
 
يا أيها المتحرك في فضاءاتي الجامدة 
حاول أن تحيا بي مرتين 
لأموت بك مرة واحدة 
يغني القتيل فيك شطراً من أغنية قديمة 
"يا درب الدموع" 
فتجيب: كيف سبيل الوراء أو الرجوع؟
يا إلهاً للناس كنت 
لماذا صعدت إلى السماء؟
 
*
ينادي القتيل فيك صوت الآخر 
يتأمل ملامحك في مرآة وعيه 
علك تشفى 
ويقيم لأجلك صلاة الغائب 
أيها المسكون، الممسوس بطلسم الاثم
إن هذا الدم السامي ملوث
والمصاب بداء الأقلية 
تذكر جيداً أن لك رباً حائراً
أيها العبد 
أنا الحرف المنتصب أبداً في داخلك 
عليك أن تدرك أن التراب الذي يحتويك 
مؤنث!
 
*
يغني القتيل فيك جزءاً هارباً من ذاكرة البداءة 
إننا متشابهون في المثال 
فتجيب: ولكن هذا الشريان التاجي مفتوح أبدا ً
لقد حدثني يهوه في الجبل 
فتهيأ لي عِجلاً
أيها المسافر 
خلف مدارات اليوم السادس 
لخلقك 
إن المد سيسرق قميص براءتك 
ليمنحك ثوب عري من طين 
أيها الوليد من رحم الكلمة الأولى 
إن السقف السابع لغلاف الشيء
يحمل تشققات الأنا الضائع 
ولكنك لا ترفع رأسك لتبصر 
يا شقياً يدفع دائماً ضريبة الفناء 
سكيراً يطغى ظله على الفرقدين 
غريباً في (قم) يطلب ميراث أجداده 
إماماً متخفياً ينتظر ساعة الصفر 
أيها الصامت في حضرة الترتيل المقدس للاسم 
أن لا تكون أحداً
تلك خيانة مزدوجة 
فاصعد إلى معراجي 
حيث الريح نازلة وصاعدة 
وحاول قتلي مرتين 
لأسكنك مرة واحدة.
 
 
بين الوردة وظلها 
شفاه كانت لك 
تسكب أبجدية كاملة
لم تكتب بعد
بين المغيب والغياب
عيون كانت لك 
تنهار باكية أمام جدران الوجد 
بين قوس البرتقال يعلن نهاية ذلك الحاضر البعيد 
وانسحاب الإله – اللون 
مهزوماً
ينام وحيداً على سرير الغد 
تنطق نجمة وليدة بسر المساء 
ويتكور للأمس القريب 
نهد
يتعرى الياسمين من عطره 
مرفرفاً حولك 
ليرتدي في لحظة مدهشة 
شكلها ولون ضحكتها 
ويرسم من خطوط الأبد أمامك 
قدراً ربما ستعيشه 
لو آمنت 
ولكن هذا الرمد الربيعي الذي يملأ عينيك 
يخيط لك سبيل تمامه 
لتشقى كعبد أسود 
يقول: انظر 
فتسأل: أين عيوني؟
يقول: اقرأ 
فتسأل: هل أدرك جنوني؟
يقول: تصبر
فتسأل: من قتلني؟
أنت يا من تنتعل أحذية الوراء 
لن تنتهي مكاشفات الشتاء 
ولو أحرقت كل أوراق الذاكرة 
فأنت محاصر هنا وهناك 
وهذا المطر الحامضي لن يروي عطشك 
فكن أنا لأكون أنت 
حين ترقد في كهف جهالتك 
كن أنا... 
نصف حلم يعيد ترميم البدء في ذاتك التائهة 
فلا تهرب كعادتك 
كن أنا ...
لأموت فيك 
صلاة سلام تخرس أصوات الاقدار الحاقدة 
وكن لأجلي أنت لنصيرَ سلالة خالدة 
ثم حاول أن تموت بي مرتين 
لأحيا بك مرة واحدة.