الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لويز غلوك الفائزة بنوبل الآداب ليست وحيدةً في النفق الحالك

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
لويز غلوك الفائزة بنوبل الآداب (أ ف ب).
لويز غلوك الفائزة بنوبل الآداب (أ ف ب).
A+ A-
فازت لويز غلوك اليوم، 8 تشرين الأوّل 2020، بجائزة نوبل للآداب.

لا أعرف شيئًا يُعتَدُّ به عن هذه الشاعرة.

هذه "حقيقةٌ" أعترف بها علنًا جهارًا، وهي مدعاةٌ عندي للخجل، للشعور بالعيب، وللإحساس بالتقصير.

شاعرةٌ كهذه الشاعرة، لويز غلوك، التي تقيم في أدران هذا العالم، في أوجاعه، وفي الخراب العميم، لكنّها تتشبّث برؤية النقاء والطيبة والجمال، وتعلن الولاء للأمل والحلم، من شأنها أنْ توسّع كوّة الضوء الخافتة الضئيلة، بل النادرة في هذا الوجود الخسيس.

أنا الذي ليس عنده أدواتٌ جمّة تعزّي القلب والعقل، وتحصّن، وتمنح القوّة والعناد لمواصلة الطريق، أرى في هذا النسيم العليل الطيّب الذي بلسم روحي، اليوم، آتيًا من هواء الأكاديميّة النوبليّة في أسوج، السويد، "إشارةً" تلامس الباطن، وتغسل أوجاعه، وتشمّسها كزبيبٍ على السطوح.

"إشارةٌ" كهذه، لا بدّ من اعتبارها علامةً نورانيّةً تُحفّز لا على "الإيمان" بالشعر فحسب، بل تدعو أيضًا إلى الغرق فيه، وتُحرِّض على التطيّب بجمره، محفوفًا بالمحفّزات الأخرى، من مثل الحبّ، والموسيقى، والفنّ، والأمل، والحلم، والحرّيّة.

اليوم، نالت لويز غلوك جائزة نوبل للآداب. هذا الحدث – على قلّة فاعليّته - يصنع فيَّ العجائب المعنويّة، حيث أنّ الفوزَ الوحيدَ المعترَف به في العالم هو الفوزُ الذي تنتصر به البشاعةُ والدناءةُ والبزنسُ والحربُ والقتلُ والموتُ على كلّ ما هو جميلٌ ولذيذٌ ونادرُ الوجود.
عجبًا. عجبًا!

لا يزال هناك حالمون أوادم أنقياء مخبولون مجانين وسُذَّج يُربِّحون الأدب، ويُربِّحون الشعرَ خصوصًا، في هذا الكون العدميّ الذي يحكمه الأمّيّون الأشاوس القَتَلَة، ويرفعون فيه لواءَ الأبوكاليبس، ومنطق المقبرة الأمميّة.

لويز غلوك، لا أعرف شيئًا يُعتَدّ به عن هذه الشاعرة، سوى شذرات ونتف، لا تُغني ولا تُسمن.
لكنّ قصيدةً واحدةً لهذه الشاعرة الأميركيّة التي تكتب بالإنكليزيّة، كالقصيدة الفريدة التي تلقّيتُها قبل قليلٍ بالفرنسيّة، من شأنها أنْ تُحدِث عندي فرقًا هائلًا.

كفرقِ الإقامة في النفق، ثمّ الخروج منه دفعةً واحدةً إلى الضوء الذي لا يستطيع أيُ طاغيةٍ أنْ يقهره، أو يخمد أنفاسه.

أنتِ لستِ وحيدةً في النفقِ الحالك، تخاطب القصيدةُ الشاعرةَ، وهي تسافر في القطار وحيدةً، صحبةَ كتابِها الصغير، كما لو انّه فارسُها الساهرُ عليها، وكما لو أنّها تحتمي به.

أيّها الناس، نحن لسنا وحيدين في النفق الحالك، يقول لنا الشعرُ.

في هذا النفق اللبنانيّ الشديد الحلكة، نحن لسنا وحيدين.

الشعرُ معنا، فلنحتمِ به. إنّه يحمي. ويقاتل. ويفوز.

[email protected]
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم