الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الياس الرحباني والتاج على رأس العروس

المصدر: "النهار"
سليمان بختي
الياس الرحباني (أ ف ب).
الياس الرحباني (أ ف ب).
A+ A-
الياس الرحباني (1938-2021) الضلع الثالث في العائلة الرحبانية الاسطورية. الموسيقي والمؤلف والملحن الذي أعطى لفيروز العديد من الألحان الجميلة المميزة مثل "لا تجي اليوم ولا تجي بكرا" و "ليل واوضة منسية" و"كان عنا طاحون" وغيرها. وكذلك لحّن لكبار في لبنان مثل صباح ووديع الصافي وماجدة الرومي وهدى وغيرهم. وهو احد المشاركين الأساسيين في نهضة الموسيقى في لبنان في الاذاعة والتلفزيون والمهرجانات والمسارح.
 
حمل عصا المايسترو بوجود الأخوين الكبيرين ونجح مع الكبار. ولبث ينهل من النبع الشرقي والمعين الغربي بسلاسة وانسجام واقتدار، ويحفر في المنجمين. وظل الى آخر أيامه يحب العزف على البيانو، وكان شوبان مثاله الأعلى والأحلى. كانه من خلال العزف يلج الى العوالم التي يعشقها. ويكتب فوق العزف "بهالبرد الموسيقى تدفي القلوب".
 
الياس الرحباني الصديق المحب الذي يملك روحاً حرة ومرحة. ويغضب على الخطأ والتهافت في الفن، وعلى الأداء المتردي في السياسة وعلى تصدّع القيم. ولكنه كان حنوناً على الطبيعة التي تمتلك الجمالات التي لا تعدّ. كان لديه الإيمان والخوف والإبداع "والسرسبة" في قلب واحد. عزف ولحّن وكتب للمسرح، وكتب الشعر ووضع العديد من المؤلفات لموسيقى الأفلام التصويرية ومنها: "حبيبتي"و "دمي ودموعي وابتسامتي" و"اجمل ايام حياتي" والمسلسلات مثل: "عازف الليل"و "هنادي" و"الو حياتي" وغيرها. ولحّن الاغاني للاطفال ولشوشو لحّن "شحادين يا بلدنا". ولعل الكثير من أغاني الأطفال الملتصقة بذاكرة أولادنا هي من أعماله. تمتّع الياس الرحباني بحس موسيقيّ تأملي عميق يغرف من الحب والخيال والذكرى. ألحان نضرة رشيقة لا تتحرج من بساطتها.
 
ربما شعر الياس الرحباني أنّ مكانه يضيق عليه وعلى آفاقه الرحبة، وعلى ما يريد أن يرسله أو يعطيه. أو ربما توسّل النسيان ليحمله الى خلاص قريب أو محتمل. أو لعله ما عاد يصرخ ويبوح ويضع النوتة والكلمة كمن يضع التاج على رأس العروس. 
 
نودّع مع الياس الرحباني الزمن الجميل، زمن الكبار. أولئك الذين تعبوا لكي يستحقوا نعمة الفن والابداع، نعمة الناس الطيبين الذين أحبّهم وأحبوه، نعمة الوطن في أحلى وأرقى تجلياته. 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم