الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

يوم في سوريا

المصدر: "النهار"
القهر السوريّ (تعبيرية- نور زنطه).
القهر السوريّ (تعبيرية- نور زنطه).
A+ A-
محمد حمصي- حلب
 
أحاول أن أكون جاداً هذا اليوم، كصفارة شرطي المرور
لا رغبة لي في كتابة الشّعر، أو سماع أمّ كلثوم،
أو قراءة أيّ كتاب لا ينبش ما في قلبي من حزن
وشتائم.
 
ولا أريد حتى أن أعرف ما حصل في آخر انتصاراتنا، وخبزنا، وحاجاتنا لأننا سنعتادها...
أحاول فقط أن أُنهي اليوم...كأي قصة مصوّرة
قفلتها تُعرف من بدايتها.
 
خرجت... ركضت
هناك
في نهاية الشارع العريض،
خذلتني كلّ الأرصفة
لم أجد خطوة شاغرة، لأقف قليلاً
وأبكي على ضوء ظننته مدفأة لكانون، حتى دهس قلبي
وعرفت أنّ عربةً ما، اصطدمت بحلمي...

مشيت مبللاً كالسيلان نحو كلّ الاتجاهات
أبحث عن منديل لدمعتي
أو عن كفّ يصفع وجه هذا العالم،
لم أجد غير قلبي كرةً
لأقدام هذي الحياة التي تنتعل ضحكتي وأملي...

وحده سائق التاكسي نظر إليّ،
وحدها سيّارة الأجرة،
سيّارة الأجرة العظيمة
التي كسرتْ وحدتي وحزني
وأخذتني بعيداً بعيداً
نحو سريري
محمّلاً بالخذلان،
بعدما صفعني هذا العالم على وجهي مرّتين
بدل أن أصفعه...

أفكّر الآن في كلام سائق التاكسي:
- مافائدة الشّعر، والنثر، والرسم، والغناء، إن كنّا كلّنا
كالدجاج...
 
ثم نظر إليّ حين وصلنا إشارة المرور، وقال:
يا ولدي، هذه الأمور تحتاج للصراخ، تحتاج ألا يخاف المرء
من أن يكون حقيقياً، ألا تكون رصاصة ما، مصوبة نحو رأسه، ألا يخاف على بطون أولاده من الجوع، إن قُتل.
 
ألّا يخاف من غد اعتاد المقامرة بنا.
رغيف الخبز، أكبر قصيدة، وأبهى لون في هذه البلاد
صدّقني، كلّ شيء هنا وهم،
لا تصدّق حتّى يديك في الاتجاه، قد تأخذك اليمنى
نحو اليسار واليسرى نحو اليمين...
لا تصدّق شيئاً، حتّى أنا كذبت عليك ولم تنتبه
لستُ بسائق تاكسي
صدّقني
كلّ ما في هذه البلاد سراب سراب،
إلاّ الحبّ والطغاة، هما الحقيقة،
الحقيقة المريرة...
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم