"ما تخَبّي صِلبانك"... رودي رحمة يرفع الوجع اللبناني صلاةً في الجمعة العظيمة (فيديو)

"رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِرُ الْحَزَنِ، وَكَمُسَتَّرٍ عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ"
(إشعياء 53/3)
 
ينحت الشاعر والنحات والرسام رودي رحمة، آلام المسيح، كما كتبها إشعياء النبي. يعيش الوجع ويشبع منه، فيستحيل "البرونز" تحت إزميله، جسداً مسحوقاً بالحزن، تعصف في حناياه بقايا حياة. ينحت المادة الصمّاء كما الألم حين ينخر العظم، ويسكب على جسد المسيح المتكوّر أبيات شعر عميق.
 
 
يعصف صوت رودي بالمسيح المصلوب على أرض لبنان، التي شاء النحات أن تتمثّل بخريطة خشبية للأرض التي زارها الله. يصرخ بلسان المخلّص، في فيديو "ما تخَبّي صِلبانك" (إخراج سيمون سعيد/إنتاج Mlouk Productions):
 
"كِبّْ همومَك... دَخلَك فُوقْ
علَيّي... تَقِّلّي همّي
مَـ يهمّك ضهري مشقوق
مْرَبّا عا كتافو لـ هِمّة"
 
كلمات بالمحكيّة اللبنانية، يرفعها رودي رحمة صلاةً. لا هي مناجاة مكرّرة، ولا نصّ منمّق. ينتقي أبسط الكلمات لمحاكاة آلام المسيح، فتخرج من فمه قصيدة دينية فلسفية عميقة، تذكّرنا بمزامير داود المقدّسة.
 
 
في شِعر رودي رحمة، وبين يديه والإزميل، لبنان مصلوب كما المسيح. النزف بلغ مبلغاً، وكلاهما يذوب مثل الشمع. "نَبّت دمّو عالصخرات"، يقول في القصيدة. ويشاء أن يُهدي اللغة مصطلحاً جديداً، "أَرَّز"، فيصدح صوته صارخاً: "أَرَّز من دموعك أرزات... بعدو حارس عالتّلّات"، في إشارة إلى أرز لبنان الذي تقول الأساطير إن الله زرعه بيديه على تلال لبنان، وسقاه.
 
"نعيش الصلب والجلجلة في لبنان"، يقول رحمة لـ"النهار"، "تَجمهَر جمع واسع لقتل المسيح في غابر الأزمان، واليوم، حفنة صغيرة تقتله وتقتلنا، نحن أتباع حبه ورحمته". يستذكر انفجار مرفأ بيروت وارتكابات الطبقة السياسية الفاسدة في حقّ الشعب، ويُحمّل مَنكبَي المسيح إيّاها. 
 
 
يشكر كلّ من ساهم في نجاح القصيدة المصوّرة. "عَملوا في ظروف صحية صعبة"، يقول، "كلّ الشكر لهم، من المخرج إلى المنتج، ومصمّم ومدير الإنتاج، فالممثلين وفريق المونتاج والماكياج". جهود كبرى اجتمعت لإحياء الجمعة العظيمة، حبّاً بالمسيح ولبنان المصلوبين. ولأنّ بعد الصلب كانت القيامة، يضع رحمة وفريق العمل اللمسات الأخيرة على قصيدة مصوّرة أخرى، تُبصر نور قيامة المسيح يوم أحد الفصح.
 
لقراءة قصيدة "ما تخبّي صلبانك" كاملة اضغط هنا