أُقيم الأسبوع الماضي في مدينة ريميني (شمال إيطاليا) التجمُّعُ السنوي المعروف "لقاء الصداقة بين الشعوب"، وهو حدثٌ دُوَليٌّ تأسس سنة 1980 وبات يُعرَف بــ"لقاء ريميني"، ينعقد في الأسبوع الأخير من آب حدَثًا إيطاليًّا وعالَميًّا يستضيفُ كبار الأَعلام من معظم دول العالَم إلى ندوات وحوارات وورش عمَل ومعارض وأمسيات موسيقية وأدبية، في غاية واحدة: التفكير والحوار من أجل تنمية الحوار بين الشعوب.

برنامج "اللقاء" هذا العام اختار من لبنان رائدة المسرح الراقص أَليسار كركلَّا فاستضافها في أمسيتين، كانت الأولى ورشةً قادتها وشارك فيها ضيوف في "اللقاء" من مختلف الدول، سردت فيها أليسار مسيرة مسرح كركلَّا منذ أَسسه والدها عبدالحليم كركلّا قبل نصف قرن، ثم قدَّمت فيلمًا قصيرًا فيه مقتطفات من أَبرز أعمال مسرح كركلّا والأزياء والملابس التي اعتمدها في أعماله.

وفي الأُمسية الثانية، كانت جلسة مع أليسار حول سيرتها ومسيرتها في لبنان والعالَم، حاورها رئيس "لقاء ريميني" برنهارد شولز (ألْماني متخصص في شؤون الحوار بين الشعوب). وحين سأَلها عن سبب عودتها إلى لبنان بعدما درست جامعيًّا في أميركا وجالت على مواقع عالَمية وتسكن في لندن، أجابت باعتزاز: "أنا أتحدث اليوم من إيطاليا بلد الرومان التاريخي، وفي بلدي أعظم أثر تركه الرومان في ذاكرة التاريخ وهو هياكل بعلبك (جوبيتر، باخوس، فينوس)، وبعلبك مدينة والدي فكيف لا أعود إليه"؟

وعن سؤال الرئيس حول ديمومة "مسرح كركلَّا" حيال ما يجري في لبنان، عقّبَت أليسار قائلةً: "نحن في لبنان نتابع مسيرة لبنان الحضارية التي ورثناها من فجر التاريخ الجليّ. من هذا المنطق انطلق والدي عبدالحليم كركلّا يوم أسس مسرح كركلّا ومركزًا خاصًّا لفرقة عالية الاحتراف، جال بها حول العالم حاملًا رسالة لبنان الثقافية".

وبعد أسئلة الرئيس حول سيرتها ومسيرتها، شكرت أليسار رئاسة "اللقاء" على اختيارها "مسرح كركلَّا" كي يمثل لبنان في لقاء هذا العام، لأن مشاركتها تعني لها إطلاق بذور الأمل في صحارى اللاإنسانية واللاعدالة، عبر رسالة إنسانية سامية وفريدة.

وختمت قائلةً: "مشاركتي أيضًا فرصة لوطني لبنان، أرض الأرز الخالد، أن أعرض هنا على هذه المنصة العالَمية ما كانه لبنان من سلام وأمان، وما كان لعاصمته بيروت من مجدٍ تاريخي وسياحي وثقافيّ، وما آل إليه اليوم من وضع مأساوي، خصوصًا بعد انفجار مرفإ بيروت في 4 آب 2020. لكننا سنظلُّ نقاوم بالفن الذي لا يطاله زوال لأنه وليد الحياة، ومسرح كركلّا ليس عروضًا راقصةً فقط، ولا مدرسة لتعليم الرقص وحسب، بل هو رمز حرية الإنسان والأمل بالمستقبل والإيمان بالحياة".