الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ظلم الزمان أم ظلم الضمائر

المصدر: "النهار"
داود الصايغ
داود الصايغ
Bookmark
أرشيفية (نبيل إسماعيل).
أرشيفية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
ذات يوم أُبلغ الرئيس فؤاد شهاب (١٩٥٨-١٩٦٤) بأن أحد الوزراء في الحكومة كان يتمنّع عن تبلّغ دعوى أُقيمت ضدّه آنذاك، إذ كان أنصار هذا الوزير يبعدون المباشرين القادمين من المحكمة لتبليغه. فطلب الرئيس شهاب أن يأتوا إليه بالتبليغ. وعندما التقى الوزير بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء قام هو نفسه بتبليغ الوزير بالدعوى شخصياً. رئيس الجمهورية يومذاك أدّى دور المباشر في الدولة التي أراد تحصينها وتفعيل مؤسـساتها. وكانت هذه الحادثة الفريدة في التاريخ الاستقلالي أمثولةً ليس فقط لهيبة الدولة بل لدور تلك السلطة، السلطة القضائية، في إرساء المحاسبة التي لا يعلو أحد عليها، كما حدث ويحدث في الدول الديموقراطية – أو دولة الحق – التي كان لبنان يتطلّع لأن يكون واحدةً منها.حصل ذلك بعد زمنٍ قصير من أحداث ١٩٥٨، التي كانت بحجمها وزمانها لا تقاس بالحروب التي اندلعت في ما بعد، إذ أعلن رئيس الحكومة رشيد كرامي في بيانه الوزاري أمام مجلس النواب بتاريخ ١٧ تشرين الأول ١٩٥٨: "لسنا بحاجة للعودة إلى الماضي، فلقد عقدنا العزم على غسل هذا الماضي. والحكومة التي تقدّر مسؤوليتها في هذه الظروف بالذات، ترى أن واجبها الأول هو العمل على غرس مبادئ الوحدة الوطنية وتحقيق التعاون والثقة بين المواطنين، وعلى هذا الأساس يمكننا تسمية هذه الحكومة بحكومة "إنقاذٍ وطني"".فبين الإعلان عن "غسل الماضي" وتبليغ وزيرٍ من قبل رئيس الجمهورية بالذات هنالك ربما فرق. فرق ليس في مفهوم الدولة وسلطتها، بل في متطلبات الوحدة التي اهتزّت يومذاك كما في ما بعد في ظروفٍ مماثلة وأكثر صعوبة في تاريخ لبنان. والدولة كانت ولا تزال هي الحامية الوحيدة لتلك التجربة التي لو اهتزّت لامتدّت الأيدي من الخارج، كما حصل بعد ذلك، وكما الحال اليوم.فكم من إنقاذٍ حصل حتى الآن، يقول البعض. على لغة مدام مانون رولان الثائرة الفرنسية التي يقول...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم