أميركا تُكرِّس إسرائيل القوّة الأساسيّة في المنطقة؟

 بعد اتفاق أوسلو بين منظّمة التحرير الفلسطينيّة وإسرائيل أو بعد مؤتمر السلام في الشرق الأوسط الذي عقده في مدريد عام 1991 جورج بوش الأب رئيس أميركا في حينه، قال شيمون بيريز الذي مارس السياسة عقوداً في الثانية ومن مواقع مُهمّة أبرزها وزارة الخارجيّة ورئاسة الحكومة، قال كلاماً وجَّهه إلى العرب يمكن تلخيصه بالآتي: "يجب أن نتّفق مع بعضنا أي إسرائيل والدول العربيّة بعد سنوات طويلة من العداء والحروب النظاميّة وغير النظاميّة. فنحن عندنا العقل والتكنولوجيا المُتقدَّمة جدّاً والمُتطوِّرة في استمرار والصناعة والأسلحة وأمور مُهمّة غيرها. أنتم لديكم النفط والغاز والمال واليد العاملة. لذلك يجب أن نتّفق معاً لنُكمل بعضنا فنُحقّق النمو والازدهار والسلام لمنطقتنا". طبعاً اعتبر غُلاة العرب في حينه هذا الكلام فوقيّاً الهدف منه استغلال عجز الدول العربيّة عن مواجهة اسرائيل عسكريّاً وإعادة الحقوق إلى شعب فلسطين المُهجَّر معظمه من بلاده، وإظهار الفرق الكبير في مستوى التقدُّم بين الفريقين، واستخدام ذلك من أجل تحوُّلها دولة قياديّة في المنطقة قادرة على استغلال اليد العاملة العربيّة. وقد شبَّه هؤلاء الغُلاة دعوة بيريز المذكورة بمحاولة غير مباشرة لإقامة ما يُسمّى "نظام السخرة". لكنَّ عرباً آخرين اعتبروا أنّ في السلام فوائد عدَّة لهم تسمح لهم بتنمية بلدانهم وفي الوقت نفسه بالاعتماد على اسرائيل للدفاع عن أنفسهم في حال نشوء وضع إقليمي مُهدِّد لهم على نحو خطير وأيضاً للولايات المتّحدة حليفتهم والحليفة الإستراتيجيّة الأولى لدولة اسرائيل.  لا يخفى في هذا المجال أنّ هؤلاء العرب كانوا بدأوا يستشعرون بداية خطر جدّي عليهم قوميّ ومذهبي تُرتِّبه الجمهورية الإسلامية الإيرانيّة التي تأسّست عام 1979، أي قبل نحو 12 عاماً من الدعوة إلى التعاون بل العمل معها التي وجَّهها بيريز. ولا يخفى أيضاً أنّ بعضهم نظر إلى السلام الذي وقَّعته مصر أنور السادات مع إسرائيل أواخر سبعينات القرن الماضي بشيء من...