الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لهذه الاسباب لايطلق ثنائي "الحزب - التيار" مخاوفه من التدويل

المصدر: النهار
ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
 ثنائي "الحزب - التيار"
ثنائي "الحزب - التيار"
A+ A-
 
المعارضون بضراوة لثنائية "التيار الوطني الحر" و"حزب الله " شرعوا منذ فترة في اطلاق دينامية حراك مستجد ومن طبيعة مستدامة ومتدحرجة. واللافت في الامر ان حراك هؤلاء يتصف بصفات ومزايا مختلفة فهو اعلى وتيرة من ذي قبل مما اعطى انطباعا بانهم وجدوا للتو ارضية خصبة ومظلة دعم وامان يخرجون معها باستنتاج فحواه ان ثمة جدوى مرتقبة للحراك الذي يخوضون.
 
ما الذي طرأ وطرأ حتى يندفع هؤلاء المعارضون بهذا القدر من الزخم والحماسة ليمضوا قدما في حراكهم بلا هوادة ؟ 
المعطيات الواعدة التي يبدو انها توفرت لديهم متعددة وياتي في صدارتها : 
- اندفاعة بكركي بما تمثل ماضيا وحاضرا في ميدان مواجهة "الامر السياسي الواقع" ورسم خطوط الاعتراض المكشوف عليه من خلال رفع لواء شعار التدويل الملطف بشعار الدعوة الى مؤتمر دولي يرعى حلا للازمة اللبنانية، وهو الشعار الذي عده المتوجسون من حركة بكركي تصعيدا لشعار رفعته سابقا وهو شعار " الحياد الايجابي".
 
ومن البديهي ان فريق المعارضين، الذي تنطبق عليه وفق خصومه صفة انه "بيت بمنازل كثيرة ومستويات متعددة"، يجد في رفع المرجعية المسيحية لشعار التدويل ضالته الكبرى المنشودة للاستظلال بها وتعظيم اوراقه واستطرادا تزخيم حركته، لاسيما وقد استشعر بان الصوت العالي الذي اطلقته بكركي ليس صوتاً عابراً او صارخا في البرية او على وزن "اللهم اشهد اني بلغت" بل انه ينطوي هذه المرة على توجه مدروس بعناية وينطلق في اتجاه مراكمة اوراق القوة والحضور لبلوغ هدف منشود عنوانه العريض التأسيس لمسار سياسي جديد وتجربة حكم مختلفة.
 
بمعنى اخر يجد البعض في عمق حركة بكركي، حركة وقائية ضرورية لحجز مكان وحيز في المرحلة الاتية ساعتها ولاريب تحسباً من ان يؤول عنصر المبادرة الى فريق اخر بعينه ويصير الفريق الاول في موقع رد الفعل على غرار ما كان الحال في نهاية عقد الثمانينات من القرن الماضي اي عشية ولادة اتفاق الطائف على يد اكثر من قابلة.
 
- وعليه لم يكن مفاجئا لثنائي التيار البرتقالي و"حزب الله" ان يكون فريق "القوات اللبنانية " اكثر المتحمسين لملء كل الساحات والفراغات المكانية امام الصرح البطريركي لاعتبارين اثنين: الاول الظهور بمظهر الطرف المسيحي الافعل والاقوى حضورا والاكثر جهوزية للوقوف ضد كل ما يعتبره "محاولات التعدي والتحدي". وهو نهج بدأ الالتزام به عمليا مذ لحظة خروجه من حكومة الرئيس سعد الحريري الثالثة ورفعه المطالب التي دأب على رفعها وفحواها ازاحة كل التركيبة الحاكمة والتمهيد لسلطة بمواصفات مختلفة وقنطرة العبور اليها انتخابات مبكرة.
 
 والثاني الظهور بمظهر الاكثر التصاقا بوجدان بكركي وايجاد جدران عزل بين هذا الصرح وخصوم "القوات" وفي مقدمهم "التيار الوطني" واستتباعا الرئاسة الاولى.
 عنصر المفارقة المستجد في كل هذا المشهد الضاج بالحياة والصخب تجسد في دخول رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على خط "هذه الفورة" ان عبر ايفاد مندوب عنه الى الصرح البطريركي ليصرح بعد لقائه سيده بما يشي بتأييد لفكرة التدويل وامكان السير بها، وان عبر عودة خطوط التواصل المباشر بين زعيم المختارة وبين المجموعة الاكثر تطرفا في طروحاتها ضد الحكم و"حزب الله" والتي رفعت اخيرا شعار "الدعوة الى تحرير القرار اللبناني من قبضة الهيمنة الايرانية الماسكة بخناقه".
 
 وبصرف النظر عن الدوافع الظرفية والهواجس التي تسكن جنبلاط وأملت عليه الانتقال من موقع الدفاع الذي تموضع فيه على مدى اشهر عدة خلت الى موقع الهجوم الشرس، فالثابت ان الموقف الصريح للزعيم الاشتراكي قد وفر عنصر دعم واسناد لكل المندفعين في حراكهم الاعتراضي.
 
ولاشك ان ثنائي التيار والحزب ينظران، الى حركة التوافد المكثف لزوار الصرح البطريركي على خلفية دعم شعاراته المرفوعة، على انها حركة اكثر تطورا وجدية من ذي قبل وتمتلك اوراق قوة من قبيل القول، والى ان يثبت العكس، انها تحظى بضوء اخضر من دوائر الفاتيكان الى دعم من روافد اخرى، فضلا عن حبل سرّة تتغذى منه هذه الحركة يتأتى من ازمة الفراغ الحكومي وما يرافقها من انهيارات مالية ومعيشية. الا ان ثمة وقائع يمتلكها هذا الثنائي ويقيم عليها ما يجعلهما يميطان اللثام عن استنتاج تكون عندهما فحواه ان هذا الحراك على جديته سيظل حركة اعتراض بلا مدى ولارجع صدى، انطلاقا من اعتبارات وحسابات عدة ابرزها: 
- ان ثمة موانع وعوائق قانونية ودولية تحول دون تحول شعار التدويل بكل اشكاله ومقاصده، من النظرية الى التطبيق والتنفيذ العملي وهو ما افصحت عنه مساعدة ممثل الامين العام لللامم المتحدة في بيروت من امام الصرح المشرف.
 
- ان "النصاب الاسلامي" الذي يمكن ان يوفر عنصر رفد ويشكل عنصر دعم لشعار التدويل، يبدو غائبا ومفقودا. فاذا كان الشيعة بواجهاتهم السياسية (حزب الله وحركة امل) والمرجعية الدينية، وهو ما تبدى في البيان الناري للمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان، قد جاهروا بعدائهم لهذا الشعار وتحسسهم بمخاطر ينطوي عليه، فإن السنية السياسية ( تيار المستقبل، ونادي رؤساء الوزراء السابقين) والسنية الدينية الممثلة بدار الفتوى، لم تفصح عن أي تأييد ولاتبدو انها في هذا الوارد لاعتبارات شتى توحي بان عندها مخاوف وهواجس من هذا الطرح ونتائج السير به.
 
 وفي كل الاحوال فان الثنائي اياه على قناعة بان الرأي العام ليس في وارد التماهي مع هذا الطرح واعتباره قضيته الاساسية لانه مستغرق في هموم اخرى معيشية ومستقبلية.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم