أعيدوا لي فَضلاتُكُم يا سادَة

إنها الساعة الاولى والثلث بعد منتصف الليل. أنا عامِل نَظافَة معَلَّقٌ على رَفراف شاحنة نفايات. لا يستَفِّزُني في الشارع المُزَمرَك سوى السيارات المركونة فوق مربعات الرصيف. لا صعوبة توازي نقل النفايات من المستوعبات الفولاذية الى الشاحنة سوى تخليص معاملة إدارية في دائرة النفوس.يشرئِبُّ المستوعبُ هنا كأنه قرنُ بوظةٍ عربيةٍ مشكّلَة. بسكوتةٌ معدنيةٌ من تحت وأكياس ملوّنَة من فوق. مشهَدٌ يكاد يُلحَس بشَهيّة.يسمُّ بدَني " البِئَمْجي" السَّمِج الذي يزمّرُ وراءَنا حتى نشهِّل. أحمَق. لا يدري أن بقايا فطورِهِ أوَّلَ الصّباح تؤخرُ إفراغَ المستَوعب آخِرَ الليَّل.وَجهي سُحنةٌ شَرقيَّة. إعتَبِروني باكستانياً أو هندياً أو مصرياً وعراقياً وسورياً ولبنانياً. مهنَةُ جمعِ النفايات تكادُ تحتاجُ الى نقابةٍ لتنظِّمَ حقوقَ عمّالِها. نحنُ مُستَثنونَ من أيام الغضَب العمّالي في لبنان.أتحسَّسُ رؤوسَ أصابِعِ يدي....