"هي تغار... من الكتب!!"، قال لي الأستاذ إدمون!

 

عندما كتبتْ لي على الواتس اب، عبارة "أنا أغار"، تعليقًا على صورة مكتبتي التي كنتُ أرسلتُها إليها، على سبيل التودّد، لم يخطر في بالي قطّ، ولم أفكّر البتّة، في أنْ تكون تلك المرأة تغار "من" الكتب.
ذهب تفكيري إلى معنًى وحيد: هي تغار، لأنّي أملك هذه المكتبة. ولأنّها، هي، تحبّ الكتب، وتريد أنْ تمتلكها كلّها. وتغار من كلّ شخصٍ ينافسها على هذه الملكيّة.
كنتُ متأكّدًا من هذا التفسير. وقد ثبت لي لاحقًا أنّ يقيني هذا في محلّه. إذ أفصحتْ لي تلك المرأة عن عشقها للكتب، وعن توقها إلى أنْ يكونَ بيتها كلّه مشيَّدًا بالكتب، ومؤثّثًا بالكتب، بحيث لا يكون ثمّة موضعٌ فيه، ولا فسحةٌ، لأيِّ شيءٍ (كائنٍ) آخر.
عشقٌ للكتب، كهذا، يكفيني، لكي أقع في "أسر" تلك المرأة، التي لا أعرفها في الواقع. كلُّ ما في الأمر، أنّها اتصلتْ بي من دون سابق معرفةٍ شخصيّة (لا أعرف كيف حصلت على رقم هاتفي) بعد تفجير بيروت، وكتاباتي المتكرّرة عن البيوت التراثيّة القديمة، الجريحة، المطعونة، اليتيمة، والثكلى، سائلةً إيّايَ أنْ أقبل بأنْ تُجري هي معي حديثًا تلفزيونيًّا، يكون "البطل" فيه هو تلك البيوت.
قلتُ في نفسي، لا بدّ أنْ تكون تلك المرأة صاحبة برنامجٍ تلفزيونيّ، أو صحافيّةً عاملةً في إحدى المحطّات المرئيّة. اعتذرتُ بلباقةٍ شديدة، وبتواضعٍ شديد، لأنّي كنتُ قد أخذتُ عهدًا على نفسي الاكتفاء من "الظهور الإعلاميّ"، بما أنشره من مقالاتٍ ونصوصٍ وكتبٍ شعريّة وأدبيّة. وهكذا كان.
إلّا أنّي احتفظتُ برقم تلك المرأة، وصرتُ أُرسل إليها ما أنشره، ومن ضمن ذلك صورة مكتبتي، التي يبدو أنّها "أثارتها" بطريقةٍ من الطرق، او "استفزّتها"، فكتبتْ لي بالإنكليزيّة im jealous. فكانت هذه العبارة هي الدافع إلى كتابة مقالي الأخير أمس، الذي عنوانه "أنا أغار، قالت لي تلك المرأة".
إلى هنا ينتهي موضوع الصورة، وموضوع الغيرة، ومعهما موضوع المقال.
... إلى أنْ تلقّيتُ في هذا الصباح المبكر على الواتس اب، تعليقًا مختصرًا مفيدًا – بدون "صباح الخير"، أو سوى ذلك من المجاملات - من الأستاذ الأديب المعروف إدمون رزق، فحواه الجملة الآتية: "هي تغار... من الكتب!!".
هذا كَرَمٌ منه بالطبع، بل كَرَمٌ كثير. فمن أين لي أنْ تغار امرأةٌ من حبّي العظيم للكتب، لأنّها ليست هي المحبوبة؟! من أين لي ذلك، في أرذل الأيّام هذه (كي لا أقول – حاشا - أرذل العمر!)، من أين لي، يا أستاذ إدمون، أنْ تغار امرأةٌ كهذه المرأة، من كتبي، ومن مكتبتي، لأنّها ليست هي – لا الكتب – موضوع الحبّ والعشق والغيرة و... الصورة؟!
يا ريت!
akl.awit@annahar.com.l