الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ولايةُ الأرعن سريعة الزوال

المصدر: النهار
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
ولايةُ الأرعن سريعة الزوال
ولايةُ الأرعن سريعة الزوال
A+ A-
أيام الصِّغَر في شارع اديب اسحق، كان اهل الحيّ خليطاً من المستورين المتفاوتة احوالهم وارزاقهم، لكنهم جميعاً على خلق واحد. في المساء يعود ارباب البيوت الى بيوتهم، وتُغلق دونهم ودون عائلاتهم ابواب الرضا. وكان لهذه القاعدة الوادعة مخالفة رجل لا يرتضي حصار القلة والانكسار، فينصرف الى التمرد في بطحة، أو بطحات من العرق، تغير المشهد البائس في وجوده، وتبلل عروقه بالاوهام، فيروح يصرخ ساخطاً: "أنا الزعيم ابو ليلى" إلى ان ينام.كان الرجل مسالماً غير مؤذ. لكن المشكلة كانت في الحرج الذي يسببه لعائلته بين الجيران. وما من حل: لا للعائلة ولا للجيران. لكن اهل الحي، صغاراً وكباراً، تعلّموا انه إذا كان لا بد من زعامة، فليست في "الزجاجات الثلاث التي لهن هدير"، كما أنشد الأخطل الأول في حضرة امير المؤمنين. اما الأخطل الصغير فتعلم الدرس وقال: يشرب الكأس ذو الحجى / فيبقي لغد في قرارة الكأس شيا. والحجى في مقصد الأخطل الصغير، الفطنة. ولم يكن امير النقاد مارون عبود معجباً بأمير الشعراء، فكان يشير إليه باسمه الأول، بشارة، كما يتندّر اهل الجبال في معايرة بعضهم البعض. بعد الخروج من شارع اديب اسحق، وعالمه البسيط والمتواضع، الى العالم الصعب والقاسي والمتقاتل، وجدنا الناس في صفوف خلف زعامات طيبة او راعية أو قاتلة أو عصارة التفاهات. وبعضهم لم يكفه هوس الزعامة، فادّعى الامجاد. وعندما سافرت في ما بعد الى اوروبا واميركا، اكتشفتُ أن عقوداً من الحروب والدوقيات قد حلّت معضلة هذا الضعف البشري من خلال الممارسة الديموقراطية: هنا، كلمة الزعيم، Leader، لا تعني ان...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم