الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ليلتي عند إلسا

المصدر: النهار
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
ليلتي عند إلسا
ليلتي عند إلسا
A+ A-
  "عيناكِ تغبطهما السماء الزرقاء المغتسلة بعد المطر".لوي اراغون وقعت لي ضائقة وأنا في جنوب فرنسا، فذهبت الى قسم الطوارىء في أقرب مستشفى. وكان القسم مزدحماً، فأحالني ممرضو الاستقبال إلى عيادة طبية ملاصقة للمستشفى. وانتابني ضيق إضافي عندما قرأت على باب العيادة "جناح المتقدمين في السن". ولم يبقَ لي إلا أن آمل في ألّا تكون الطبيبة هي ايضاً من المتقدمات. كان لي ما تمنيت وأكثر. سيدة دون الأربعين، أو تعدَّت الثلاثين قليلاً. ففي مثل هذه الحالات الفائقة، يسقط عِلم الفراسة، ولا يعود للفارق الهزيل معنى أو أهمية. وألغت جميع فوارق الأرض، عينا الطبيبة الزرقاوان، والتي سوف نطلق عليها اسم "إلسا" وفاءً لشاعرها اراغون. وفيما أنا عائم في بحر العيون، كانت الدكتورة إلسا قد أوثقتني بآخر مخترعات القياس الحديثة، بعضها يضيء، وبعضها يصفّر، وبعضها يبعثُ صمته الخوف في المفاصل. ولم تكتفِ الدكتورة السا، على ما يبدو، بدقة قياس النبض، فوضعت بيد "الستيتوسكوب" على صدري، ولفّت بالأخرى معصمي، فكان ان نطقت الآلات الصامتة، وتلألأت أضواء العيادة، وأضافت السا الى سحر العيون والجفون، سحر الابتسامة التي تعيد المتقدمين في السن الى اطفال مهابيل يعشقون قصص "الجميلة النائمة". لكن ها هي الآن تملأ المكان حيوية وابتسامات. ثم تضع يدها حول معصمي من جديد. وكانت هذه المرة اليد اليمنى. أي يدها اليمنى. بعد حوالى نصف ساعة من القياسات الآلية والحسيّة، وقصيدة منصور الرحباني "نسيتُ من يده ان استرد يدي / طال السلام وطالت رفةُ الهدُب"، جلست السا على حافة السرير الجلدي، ووضعت يدها على كتفي قائلة: اطمئن. كنت في الواقع قد اطمأننت قبل ذلك، لكنني اطمع في الطمأنينة الأجمل. ورحت أصغي....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم