الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

كلمة سرّ في هذه اللحظة اللبنانيّة الرهيبة

المصدر: النهار
عقل العويط
عقل العويط
العنق التي تطالب بالمشنقة.
العنق التي تطالب بالمشنقة.
A+ A-
 
 
 
في هذه اللحظة اللبنانيّة الرهيبة، التي يمتزج فيها كلُّ شيءٍ بكلِّ شيء، كامتزاج الوجلِ المُفزع ببصيصٍ ملتبسٍ لا يُرى بالعين، أشعر أنّ شيئًا ما يُطبَخ في السرّ، أو يُدَبَّر في الخفاء، ولا يُستطاع تبيُّن ملامحه جيّدًا.
شيءٌ ما، قد يكون مزيجًا مُريبًا وخطيرًا – وربّما تسوويًّا على "الطريقة اللبنانيّة" -، أشعر أنّه يُحاك الآن، فأرجو للتبصّر العقليّ أنْ يتبصّر مليًّا، بأنْ تُجارى اللحظةُ الرهيبةُ هذه بما ينبغي أنْ يرافقها من وعيٍ عميق، وبعدٍ في النظر، وتهيّبٍ منيع، وقدرةٍ على التقاط المبادرة، وتحصينها، وبلورتها، لتكون على الأهبة الملائمة "لكلِّ مقامٍ مقال".
أقول لكم ها هي الطبقة السياسيّة تستجمع قوى "التحريك" والفساد والشرّ التي فيها، من كلِّ حدبٍ وصوب، من داخلٍ ومن خارج، مستعينةً بالباطل المحليّ والإقليميّ والدوليّ، لتأبيد ديمومتها الجهنميّة، ولمنعِ حدوثِ أيِّ خرقٍ في هيكل بنيتها الإسمنتيّ المسلّح.
وأقول أيضًا ها هي القلوبُ المطهّمة تمتلئ بمزيج القلق الوجوديّ المُضني وبالتحفّز النقيّ الغاضب، حيث ثمّة حاجةٌ مطلقةٌ إلى بوصلةٍ رؤيويّةٍ، رشيدةٍ ومحنّكة، تدلّ على المرمى، وتصوّب في اتّجاهه، ولا تشرد يمينًا ولا يسارًا، ولا تتعثّر في الطريق، ولا تتلاعب بها الأهواءُ والانفعالاتُ، ولا الصغائر، ولا الحسابات، ولا تستوقفها الاستعراضات والعراضات البهلوانيّة.
في هذه اللحظة اللبنانيّة الرهيبة، وفي غمرتها المُريبة هذه، يشتدّ "تألّق" البورصة، اشتدادًا موسومًا بالشيطنة المجرمة، فيتصاعد كلُّ شيء، وينهار كلّ شيء، معًا وفي آنٍ واحد (تتفاقم العتمة وتحلّق الأسعار، وتنفلت عمليّات السرقة والنهب والتعدّي والقتل، ويهرب الدواء والمواد الغذائيّة والمازوت والبنزين وإلى آخره)، وفق أوركستراليّةٍ منظّمة، من خصائصها أنّها عشوائيّةٌ وفوضويّةٌ وانفعاليّة في الظاهر، لكنّها محكمة الانسجام "التحريكيّ" في الباطن، إلى حدٍّ غير قابلٍ للوصف.
هذا كلّه – وهو قليلٌ من كثيرٍ كثير – يجري الآن، من دون أنْ يرفّ جفنُ أحد (ولن يرفّ لأحدٍ جفن)، حيث الضرورات الوجوديّة تستدعي – وبدون ثرثرة - أن يتصاعد دخانٌ ثوريٌّ تغييريٌّ أبيض، واحدٌ وموحّد، يستنارُ به، جنوبًا وشمالًا، شرقًا وغربًا، من فوق الجبال الصامدات وصولًا إلى البحر.
***
شيفرة (بدون تعليق) إلى كلّ مَن يعنيه الأمر
(مقطع من مسرحيّة "ماكبث" لشكسبير، ترجمة جبرا ابرهيم جبرا)
الابن: هل كان أبي خائنًا يا أمّاه؟
ليدي مكدف: أجل.
الابن: مَن هو الخائن؟
ليدي مكدف: هو الذي يُقسم ويكذب.
الابن: وهل كلُّ مَن يفعل ذلك خائن؟
ليدي مكدف: كلُّ مَن يفعل ذلك خائن ويجب أن يُشنَق.
الابن: وهل يجب أن يُشنَق كل الذين يُقسمون ويكذبون؟
ليدي مكدف: كلُّ واحدٍ منهم.
الابن: ومَن يجب أن يشنقهم؟
ليدي مكدف: الرجال الشرفاء.
الابن: إذن فالكذّابون والمُقسِمون حمقى. لأن هناك من الكذّابين والمُقسِمين ما يكفي للتغلّب على الشرفاء، وشنقهم.
 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم