السورياليّة 2020 هي هذا الواقع السياسيّ اللبنانيّ لا "فوقه" ولا "تحته"
17-12-2020 | 00:00
المصدر: النهار
ليست السورياليّة ما (ومَن) هو "فوق" الواقع. أخطأ مَن اعتبرها هذا الاعتبار، ومَن استدرجها إلى هذا المعنى، أو قَسَرَها قسرًا، وألبسها هذا اللباس التفسيريّ التأويليّ الإرغاميّ. وإذ أعرف تمامًا ما هي السورياليّة في الأدب والفنّ، ومَن دعا إليها، ومَن نادى بها، ومَن عاشها، ومَن كتبها، ومَن رسمها، ومَن أمعن في تظهير هذياناتها ومكبوتاتها وهلوساتها. وإذ أعرف كلّ شيءٍ عنها، فإنّ ما لا يعرفه أحدٌ ربّما، هو أنّ ثمّة في بلادنا سورياليّةً هي السورياليّة الحقّة، حيث لا فائدة من البحث عنها في الأدب والفنّ، أو من الاجتهاد في تقديم نماذج عنها، عيشًا أو كتابةً أو تعبيرًا، أيًّا تكن وسائله وتعبيراته وأشكاله.أزعم زعمًا (يقينيًّا) أنّه لو كان للسورياليّة نبعٌ ووطنٌ وأرضٌ ودولةٌ وكيانٌ ومعجمٌ وبوصلةٌ وطبقةٌ سياسيّة، لكان لبنان نبعها ووطنها وأرضها ودولتها وكيانها ومعجمها وبوصلتها و... طبقتها السياسيّة، وهذه الأخيرة هي أبهى تجلّيات السورياليّة، برؤسائها ورؤساء حكوماتها ورؤساء مجالس نوّابها ووزرائها وزعمائها وقادتها ونوّابها ومصرفيّيها وإداريّيها وموظّفيها ورجال أمنها واستخباراتها ومرتزقتها ومالها ودينها ودنياها.ما رأيتُ شيئًا أو أحدًا يعبّر عن السورياليّة، ويتقمّصها، ويتماهى بها، ويجسّدها، مثل أهل الحكم في لبنان. إنّهم نبعها الأعمق، ونهرها الأكثر ترقرقًا وانسيابًا وشفافيّةً، ونسغها، ولحمها الحيّ، ووعيها، ولاوعيها، وهم مثالها الأعلى، ونموذجها العفويّ الأقصى. لأنّ سرّ السورياليّة أنْ تكون عفويّةً، لا مفتعلةً ولا مصطنعةً ولا مركّبةً تركيبًا.هؤلاء هم السورياليّة بداهةً، مضفورين ومكلَّلين بمواهبَ لا صنوَ لها ولا مثيل.هؤلاء الصفوة والندرة النادرة، الاستبداديّون الفاسدون الانتهازيّون المتسلّقون النيرونيّون المذهبيّون الطائفيّون الماليّون المصرفيون الأمنيّون المافيويّون الميليشيويّون، هم...

ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول