الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الولاءات مرسومة بالبويا

المصدر: النهار
سمير عطالله
سمير عطالله
Bookmark
"بلد ضعيف، واقع بين دروب الأقوياء" (تصوير حسام شبارو)
"بلد ضعيف، واقع بين دروب الأقوياء" (تصوير حسام شبارو)
A+ A-
اعتدنا خلال الحرب، أن نقرأ اخبارنا في الصحف الغربية. فالمراسلون الأجانب كانوا اكثر موضوعية واطِّلاعاً بسبب حرية التنقل، وتنوع المصادر سواء كان الحدث مجزرة في مسبح، أو جيشاً يؤمر بدكّ أحياء مدينته. شيء آخر، وهو ان المراسل الاجنبي يلاحظ ما تعتبره الناس أمراً عادياً، أو مألوفاً. في رسالة "الفيغارو" من بيروت الاسبوع الماضي، صورة عن الفحم والشتم في وسط المدينة. الكتابات على الجدران تملأ تلك الشوارع التي كانت، ذات يوم، زهوة المدن وقناطر الشرق. شعارات، بالأسود، في خط قبيح، مهين لروعة الخط العربي، توحي وكأن المطلوب روح المدينة، وليس جدرانها. شعارات فوق شعارات، استكمالاً للحرب القائمة في عتمة القلوب. دائماً كنتُ اشبِّه وضع لبنان بوضع بولونيا. بلد ضعيف، واقع بين دروب الأقوياء. يوماً يتحدث اللغة الروسية، يوماً الألمانية، ويوماً لا يعرف اية لغة سوف يتحدث غداً. هكذا تعوّد البولونيون ان يقرأوا هوية السلطة المقبلة، من الكتابات على الجدران. يقول الشاعر البولوني تشيسواف ميووش: "مع كل تغيير، يُرسَل الدهانون لإعادة كتابة لافتات الشوارع، باللغة الرسمية الجديدة". ويقول ميووش ان مدينته، فيلنا، حُكِمت على التوالي "من قِبل الروس، ثم الألمان، ثم الليتوانيين، ثم البولونيين، ثم الليتوانيين ثانية، والألمان مرة اخرى، والروس مرة ثانية".مسكينة الدول التي قدرها تقاطع الدروب المتعاكسة. افلاطون كان يضع امام داره قارورتين، واحدة للقدر السيىء، وواحدة للقدر السعيد. اللهم نجّنا ونجِّ لبنان، مما في القارورة الأولى.استعادت بولونيا هويتها عندما استعادت ارادتها وقرارها. وطوال عقود كانت تدرك ان اطماع الكرملين الشيوعي في موسكو هي نفسها اطماع القيصر وشهوة الاستعباد واحدة، بصرف النظر عن براعة التنميق وتفاهة التبرير. رأيت...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم