رسالة إلى صديقة أرمنية
14-11-2020 | 01:16
المصدر: النهار
العزيزة....أعرف، وليس لا أعرف، الأسباب التي جعلتني أتوجّه إليك حتى لو أني لا أعرف أين أصبحتِ تقيمين وفي أي قارة. كل الشعوب "تأَرْمنت" عزيزتي وصارت الدياسبورا جزءاً أصيلاً منها. تعرفين أيضا، وأنت المثقفة والمهنية الناجحة أن مصطلح دياسبورا وُلِد من كلمة ذات أصل يوناني تصف التجربة اليهودية بتاريخيتها وأساطيرها، وقد كتبتُ في مراجعتي لتجربتي في الكتاب الذي أصدرته تحت عنوان " المهنة الآثمة" أن كتابتي السياسية "تهوّدت" عندما صارت شعوبنا في الشرق الأوسط، ومنها اللبنانيون، شعوبَ هجرات كثيفة في القرنين العشرين والحادي والعشرين وصارت اهتماماتي تشمل كل أنواع الدياسبورات العربية ومنها الفلسطينية كما غير العربية. أكتب لكِ اليوم لأن ذكريات حوارات سياسية غير مكتملة بيننا تحرّكني لمتابعتها لا فقط لوصل ما انقطع منها من خلاصات سياسية وفكرية بل الأصح لترميم ما انقطع من التباسات سياسية فيها. هذه الأيام عادت الأجندا الأرمنية تداهم متابعاتي ليس فقط مع انفجار النزاع مرة أخرى بين أرمينيا وأذربيجان على إقليم ناغورنو كراباخ الذي تعادل مساحته تقريباً مساحة سهل البقاع في لبنان بل أيضا، لأن السجال الأرمني التركي عاد يتجدّد في السنوات الأخيرة بأشكال ومناسبات مختلفة في العديد من البلدان. وقد قرأت مؤخرا مقالا قيِّماً على الموقع الإلكتروني لمجلة "أسواق العرب" بتوقيع السفير اللبناني السابق في أرمينيا جان معكرون يعرض بموضوعية لمحاولات حلول لنزاع نوغورنو كراباخ، هذا النزاع الذي علينا أن ننتبه إلى أنه في أواخر الثمانينات من القرن المنصرم انطلق من سوء تفاهم موروث عن الاتحاد السوفياتي المتلاشي ولا يتصل مباشرةً بأحداث أوائل القرن العشرين. والآن هناك اتفاق وقف نار برعاية روسية أرجو أن يوفِّر ضحايا جُدُداً على الفريقين. وهو يُدخِل الوطنية الأرمنية في جدلٍ صعب مع نفسها من المهم أن لا يكون على حساب الاستقرار الديموقراطي داخل أرمينيا. وهذا جدل - الوطنية والديموقراطية - طالما اختبرناه في العالم العربي. على أي حال لستُ هنا بصدد هذا الموضوع تحديدا بل بصدد مراجعة وجدتُ من المناسب توجيهها إليكِ في رسالة أتمنى أن تصلكِ لما أعرفه عنك من سعة أفق وثقافة سياسية لا تتعارضان بل تكمِّلان أصالة هويتك الأرمنية. الأرجح أنك لا تعلمين أنني في العقدين ونصف العقد الماضية صار اهتمامي بالشؤون...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول